للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العظيم، وعرض للثواب الجسيم. وطن نفسه على تحمل الحوادث، ومرن قلبه على تجرع النوائب، وكان تأسفه على ما يفقد من رياحين دنياه قليلا، وتصبره لما ينقل من موازين أجره جميلا.

ذكر موتهم وتأبينهم

قد فقدت عين الفضل منه قرة، وجبهة العلم منه غرة. للفجائع، اختلاف مواقع، وللمصائب، تباين مراتب، ومن أشدها لذعا، وأعظمها وقعا. فجيعة أحرجت صدور قوم مؤمنين، ومصيبة خصت العلم والدين كفقد فلان، فقد كان للإسلام جمالاً ممتدا، وللدين ركنا مشتدا، وللعلم شهاباً لا يخبو، وللأدب سهم لا ينبو. تمثلت كيف يضام العلى وتقام مآتم الحجى، وتبكي أعين الدين والتقوى. قد فجعنا بشيخ الفضل، وشهاب العلم، والناضح عن الدين ناظراً لعقباه، والصادع بالحق رافضاً لرقباه. قد أخل ليث العلم بغيله، ومضى شيخ الدين لسبيله. فاضت عليه عيون المحاريب في جنح الظلام، وبكته عيون المحاسن في وضح النهار. رحم الله فلاناً وهل خلقت الرحمة إلا لأمثاله الذين خافوا الله، فخافهم الناس من دون ملك قاهر، ولا سلطان غالب، ولكنها هيبة العلماء. في نفوس الدهماء. اللهم محص عن سيئاته. فطال ما انتصب في الذب عن دينك، والناس في اشتغال بمعاشهم، عن معادهم، وبعقدهم، عن اعتقادهم.

ذكر موت الأدباء والكتاب

نجم من نجوم العلم هوى، وغصن من أغصان الأدب ذوى. قد عادت لفراقه الآداب شعثا، ووجوه الفضل غبرا. شابت بعده لمم الأقلام، وجفت غرر الكلام. قامت نوادب الأدب، وتعطلت حوالي الكتب. قد نضب ماء

<<  <   >  >>