للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفضل، وركدت ريح العقل، وصدئ رونق التبيين والبيان، وانثلم حد القلم واللسان.

ذكر موت الأولاد الصغار والكبار

بلغني خبر مصابك بالريحانة التي اختار الله لك المثوبة عنها، على المتعة بها. لما قوي فيه الأمل، عاجله الأجل، فكسفته أيدي الأيام، هلالاً استسر قبل التمام. أطلت التلهف على ظل عاجلته الأيام أن يكون فناء زائلا، وأكثرت التأسف على هلال فاجأته الليالي أن يصير بدراً كاملا. يا لهفي على غصن هصر قبل أن يورق، وكوكب أفل قبل أن يشرق. هلال استسر قبل التمام، وثمرة اجتنتها يد الحمام. فجعله الله أجراً مذخورا، وثواباً موفورا. كيف يستقر على الأرض وفلذته في بطنها، ويراجع الأيام ومهجته في كفها. يا أسفي على غصن مهصور بالموت، معصور في الترب. قد كنت فيه قوي الأمل، لو لم تطاولني يد الأجل، ومستحكم الرجاء، لو لم تغالبني يمين القضاء. تصورت حالك وقد أخذت من قبلك ثمرته، ومن نفسك زهرتها، ومن ناظرك قوته، ومن كبدك فلذتها. عارية سرك الله بمدتها، وأثابك عند ارتجاعها. فأبشر بعاجل من صنعه وإخلافه، وآجل من مثوبته وجزائه. لئن حرم الأجر ببدك، لقد كفي الإثم بعقوقك، ولئن فجعت بفقده، لقد أمنت الفتنة به. الرزء ما كان أوجع، كان الأجر عليه أوسع، وأنت وإن احتجت إلى الأولاد، فحاجتك العظمى إلى حسن المعاد. أسأل الله أن يجعل لوعة مفارقته، أنفع لك من فتنة مقاربته، وحسرة الرزية فيه، أجدى عليك من حبرة الإمتاع به.

ما يختص من ذلك بأولاد الملوك

كتبت والأحزان مستولية على الخلق والزمان، والأرواح متبرمة بالأجسام

<<  <   >  >>