للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وروع مروع. أحس قرب الموت وضيق العيش، وضعف الجأش واضطراب الجيش. تقدمهم الأخبار وهم يتأخرون، كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون.

مسير الملك في جيوشه والتفؤل له

سار مولانا والسماء تحسد الأرض لسيره، والنجوم تود لو سرت مع سنابك خيله. اقبل مسعود الكواكب، منصور المواكب. سارت تخرج معه الأرض أثقالها، وتسير الغبراء جبالها. نهض مولانا والأرض سائرة بمسيره، والأقدار صائرة إلى تدبيره. نهض والسعود تواكبه، والمناجح تصاحبه، ومعونة الله تقدمه، وصوائب العزمات تخدمه. جلل مولانا هذا الخطب عظم حركته، وغشاه كبر مسيره عن دار مملكته. فكادت السماء تميد إعظاماً لنهوضه، والأرض تسير مع خيوله. نهض مجرداً عزمه لقصدهم، ومحصداً رأيه في حصدهم. ركب في أنصار حقه، وأعوان ملكه، فكادت الأرض ترجف، والجبال تزحف، والأفلاك تقف، والكواكب تكف. سار بأسعد الطوالع والفواتح، وأحمد الميامن والمناجح، بجيوشه التي لا تحصرها الاعداد، ولا يقاس بها الأجناد، فحسبت الأرض ترحل برحيلها، وتسير مع حوافر خيولها. سار مولانا في جيوشه فخيلت الأرض مائجة، والبحار هائجة، والنجوم منكدرة، والسماء منفطرة، خرج والمناجح تطرق بين يديه، والميامن تسير حواليه، وآيات الظفر تقرأ من ذوائب أعلامه وبنوده، ورايات النصر تخفق على مراكبه وجنوده. أقبل والإقبال حاجبه، والنصر صاحبه، والصنع مصاحبه والظفر يقدم أعلامه، والقدر يخدم أيامه. نهض والسيول تقصر عن دهماء جيوشه وجنوده، والنجوم تغمض من ضياء ألويته وبنوده، والنجح يقرأ من نواصي خيله، والأرض تضحك عن آثار عدله وخيره. سار معبي الجيش، رابط الجأش، أصيل الرأي والحزم، ملتئم التدبير والعزم. زحف إليهم رحفاً، ملأ قلوبهم رجفا، استقل به الميسر شائماً بروق العز، مقدماً كتائب

<<  <   >  >>