للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يشير إليه النجم الثاقب، وشرف تحفظ طرفيه المناقب. فلك المجد عليه يدور، ويد العلى إليه تشير، يأنس ربع المجد إذا استوحش من استيلاء النقص، ويسكن إليه جأش الفضل. سما من المجد إلى رواسي الأعلام، حين رضي بمواطئ الأقدام، محله سامق، ومجده باسق، وشرفه نجم طارق.

الجود والكرم

فلان رفيق الجود وخليله، وزميل الكرم ونزيله، غرة الدهر وتحجيله، مواهبه الأنواء، وصدره الدهناء. بحر لا يظمأ وارده، ولا يمنع بارده. غوثه موقوف على اللهيف، وعونه مبذول للضعيف. يطغى جوده على وجوده، وهمته على قدرته. يوجب الصلات، كوجوب الصلاة. بابه غير مرتج، لكل مرتج. ينابيع الجود تتفجر من أنامله، وربيع السماح يضحك عن فواضله. هو أوحد في الكرم، وغرة في وجه العالم. هو الكرم أنشيء نفسا، والفضل تمثل شخصا. لو أن البحر مدده، والسحاب يده، والجبال ذهبه، لقصرت عما يهبه. إن طلبت كريماً في جوده، مت قبل وجوده، أو ماجداً في أخلاقه. مت ولم ألاقه، صدره بحر ووعده نذر، قد حكم الآمال في أمواله، واستعبد الأحرار بفعاله. يهتز عند المكارم كالغصن، ويثبت عند الشدائد كالركن. يد حاتم كبنانه من شماله. لا يبلغ كعب في الجود كعبه. له في كل مكرمة غرة الأوضاح، وقادمة الجناح. كريم ملء لباسه، موفق مر أنفاسه. صدره تضيق عنه الدهناء، وتفزع إليه الدهماء. لا مكارم إلا ما صدر عن خلائقه، ولا مناجح إلا ما شيم من بوارقه. غمائم كرمه تفيض، ومآثر جوده تستفيض. يرى تحمل المغارم، من أعظم المغانم. مخلوق من طينة كريمة، ومجبول على أحسن شيمة. خوار العنان في ميدان المكارم.

<<  <   >  >>