للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الذين دافعوا عن عثمان في الساعة الأخيرة خارج الدار]

وقال سليط بن أبي سليط: نهانا عثمان عن قتالهم، فلو أذن لنا لضربناهم حتى نخرجهم عن أقطارها٢٢١.

وقال عبد الله بن عامر بن ربيعة: كنت مع عثمان في الدار فقال: أعزم على كل من رأى أن لي عليه سمعًا وطاعة إلا كف يده وسلاحه، فإن أفضلكم غناء من كف يده وسلاحه٢٢٢.

وثبت أن الحسن والحسين وابن الزبير وابن عمر ومروان كلهم شاك في السلاح حتى دخلوا الدار، فقال عثمان: أعزم عليكم لما رجعتم فوضعتم أسلحتكم ولزمتم بيوتكم٢٢٣.

فلما قضى الله من أمره ما قضى، ومضى في قدره ما مضى، علم أن الحق [ألا] يترك الناس سدى، وأن الخلق بعده مفتقرون إلى خليفة مفروض عليهم النظر فيه، ولم يكن بعد الثلاثة كالرابع قدرًا وعلمًا وتقىً ودينًا.


٢٢١ رواه الحافظ ابن عبد البر في "الاستيعاب: ١١٨: ٢-١١٩ هامش الإصابة" من حديث ابن سيرين عن سليط، وأورده الحافظ ابن حجر مختصرًا في الإصابة ٧٢: ٢. "خ".
٢٢٢ وفي تاريخ الطبري: ١٢٧: ٥ أن عثمان دعا عبد الله بن عباس فقال له: "اذهب فأنت على الموسم" أي على إمارة الحج، فقال ابن عباس: "والله يا أمير المؤمنين لجهاد هؤلاء أحب إليَّ من الحج" فأقسم عليه لينطلقن، فانطلق ابن عباس على الموسم تلك السنة. "خ".
٢٢٣ قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية: "١٨١: ٧": كان الحصار مستمرًّا من أواخر ذي القعدة إلى يوم الجمعة الثامن عشر من ذي الحجة.
فلما كان قبل ذلك بيوم، قال عثمان للذين عنده في الدار من المهاجرين والأنصار-وكانوا قريبًا من سبعمائة، فيهم عبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير والحسن والحسين ومروان وأبو هريرة وخلق من مواليه ولو تركهم لمنعوه-: "أقسم على من لي عليه حق أن يكف يده، وأن ينطلق إلى منزله"، وقال لرقيقه: "من أغمد سيفه فهو حر" فبرد القتال من داخل، وحمي من خارج. حتى كانت الساعة التي تم فيها للشيطان ما سعى له وتمناه، ويكفي لبيان ما كان لهذه الفاجعة الكبرى من الأثر في النفوس ما نقله البلاذري في أنساب الأشراف: ١٠٣: ٥ عن المدائني عن سلمة بن عثمان عن علي بن زيد عن الحسن قال: دخل علي يومًا على بناته وهن يمسحن عيونهن. قال: مالكن تبكين؟ قلن: نبكي على عثمان، فبكى وقال: ابكين ... "خ".

<<  <   >  >>