للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما قولهم "يد شلاء" لو صح فلا متعلق فهم فيه، فإن يدًا شلت في وقاية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتم لها كل أمر، ويتوقى بها من كل مكروه٢٣٢، وقد تم الأمر على وجهه، ونفذ القدر بعد ذلك على حكمه. وجهل المبتدع ذلك فاخترع ما هو حجة عليه.


= وسلم على الموت يوم أحد حين انهزم المسلمون، فصبروا ولزموا، ورمى مالك بن زهير الجشمي بسهم يريد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم -وكان لا يخطيء رميه- فاتقاه طلحة بيده عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فكان ذلك سبب الشلل في يده من خنصره، وأقبل رجل من بني عامر يجر رمحًا له على فرس كميت أغر مدججًا في الحديد يصيح أنا أبو ذات الودع، دلوني على محمد، فضرب طلحة عرقوب فرسه، فاكتسعت، ثم تناول رمحه فلم يخطيء به عن حدقته، فخار كما يخور الثور، فما برح طلحة واضعًا رجله على خده حتى مات، قالت بنتاه -عائشة وأم إسحاق-: جرح أبونا يوم أحد أربعًا وعشرين جراحة في جميع جسده، وقد غلبه الغشى، وهو مع ذلك محتمل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى كسرت رباعيتاه يرجع به القهقرى، كلما أدركه أحد من المشركين قاتل دونه حتى أسنده إلى الشعب. فكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول إذا رأى طلحة: "من أحب أن ينظر إلى شهيد يمشي على الأرض فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله" * رواه أبو نعيم الأصبهاني، وكان أبو بكر إذا ذكر يوم أحد قال: "ذاك يوم كان يوم طلحة". وسمع علي بن أبي طالب رجلًا يقول بعد يوم الجمل: ومن طلحة؟ فزبره علي، وقال: "إنك لم تشهد يوم أحد، لقد رأيته وإنه ليحترس بنفسه دون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإن السيوف لتغشاه، وإن هو إلا جنة بنفسه لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم". أخرج الحافظ ابن عساكر: ٧٨:٧ من طريق ابن منده عن طلحة قال: سماني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم أحد "طلحة الخير"، وفي غزوة العسرة "طلحة الفياض" ويوم حنين "طلحة الجود"."خ".
٢٣٢ وانظر "التمهيد" للباقلاني: صـ ٢٣١، ٢٣٥، ٢٣٦، وحقيقة موقف علي من قتلة عثمان أنهم عند البيعة له كانوا هم المستولين على زمام الأمر في المدينة، وفي حالة الإرهاب التي كانت سائدة يومئذ لم يكن في استطاعة علي ولا غيره أن يقف منهم مثل موقف الصحابة من عبيد الله بن عمر لما قتل الهرمزان، مع الفارق العظيم بن دم أمير المؤمنين الخليفة الراشد، والأسير الحربي المجوسي الذي قال أنه أسلم بعد وقوعه في الأسر، ولما انتقل علي من المدينة إلى العراق ليكون على مقربة من الشام انتقل معه قتلة عثمان، ولاسيما أهل البصرة والكوفة منهم، فلما صاروا في بصرتهم وكوفتهم صاروا في معقل =

<<  <   >  >>