للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والذي يكشف الغطاء في ذلك أن معاوية لما صار إليه الأمر لم يمكنه أن قتل من قتلة عثمان أحدًا، إلا بحكم، إلا قمن قتل في حرب بتأويل، أو دس عليه فيما [قيل] ٢٨٨. حتى انتهى الأمر إلى "زمان" الحجاج، وهم يقتلون بالتهمة لا بالحقيقة، فتبين لكم أنهم ما كانوا في ملكهم أن يفعلوا ما أضحوا له يطلبون.

والذي تثلج به صدوركم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذكر في الفتن، وأشار وبين. وأنذر [الخوارج] ٢٩٠ وقال:" تقتلهم أدنى الطائفتين


=
الطريق، فبقيت المدينة خاضعة لقتلة عثمان حتى بعد البيعة لعلي، وهم إن نزلوا على أحكام هذه البيعة فيما لا ضرر منه عليهم، لا ريب أنهم ينقلبون وحوشًا ضارية لو صدرت عليهم أحكام الله بإقامة الحدود فيما ارتكبوا من جرم شنيع."خ".
٢٨٨ إن سطوة الله وعدله الأعلى نزلا بأكثر قتلة عثمان فلم يبق منهم في ولاية معاوية إلا المشرد الخائف الباحث عن جحر يختبيء فيه، وبزوال سطوتهم وتقلص شرهم لم يبق بمعاوية حاجة إلى تتبعهم.
٢٩٠ اسم الخوارج جاء من جماعة خرجوا على علي بن أبي طالب وصحبه؛ لأنه قبل بالتحكيم قائلين: إن حكم الله واضح لا يحتاج إلى هذا التحكيم، وكان شعارهم: "لا حكم إلا لله"، ويسمون أيضًا بالحرورية نسبة إلى قرية في الكوفة تسمى "حروراء" خرجوا إليها، وقد حاربهم أمير المؤمنين علي رضي الله عنه في الوقعة الشهيرة بوقعة "النهروان" وهزمهم، وقتل منهم كثيرًا، ولكنه لم يستطع إبادتهم، حتى دبروا له مكيدة قتله على يد عبد الرحمن بن ملجم عليه من الله ما يستحق.
وقد حارب الخوارج الدولة الأموية وأقلقوا راحتها في حروب متواصلة؛ بحجة أنها مغتصبة الخلافة بزعمهم، ولكنها استطاعت أن تنهك قواهم، غير أنها لم تستطع استئصالهم.
والخوارج يقولون بتكفير عثمان لما غير وبدل بزعمهم، وبتكفير علي لقبوله التحكيم وطعنوا في أصحاب الجمل، وكل ذلك من جهلهم وضلالهم.
وكان من نظريتهم أن الخلافة تكون باختيار حر من المسلمين، وقد خالفوا بذلك الشيعة القائلين بانحصار الخلافة في بيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كان ذلك بخلاف أهل السنة القائلين بأن الخلافة من قريش إذا وجدوا وتحققت فيهم الجدارة، وهو الحق.

<<  <   >  >>