للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[عبد الله بن مسعود ومصحفه]

إلا أنه روي عن ابن مسعود أنه خطب بالكوفة فقال: أما بعد فإن الله قال: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَة} ، وإني غالٌّ مصحفي، فمن استطاع منكم أن يغلَّ مصحفه فليغلَّ، وأراد ابن مسعود أن يؤخذ بمصحفه، وأن يثبت ما يعلم فيه، فلما لم يفعل ذلك له قال ما قال، فأكرهه عثمان على رفع مصحفه، ومحا رسومه، فلم تثبت له قراءة أبدًا، ونصر الله عثمان والحق بمحوها من الأرض٨٤.

٤- وأما أمر الحِمَى، فكان قديمًا٨٥، فيقال أن عثمان زاد فيه


= عثمان لصنعته أنا"، فجزى الله عثمان عن الأمة خير الجزاء، فقد أحسن وبرَّ فيما صنع، وكان له فضل في رد الناس إلى قراءة واحدة كفضل أبي بكر في جمع القرآن راجع الإتقان للسيوطي. "م".
٨٤ عبد الله بن مسعود من كبار علماء الصحابة ومن أجودهم قراءة لكتاب الله، وقد أثنى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مرة على حسن تلاوة ابن مسعود للقرآن، فتسارع أبو بكر وعمر ليوصلا إليه البشرى بهذا الثناء النبوي، انظر مسند أحمد: ٢٥: ١-٢٦ الطبعة الأولى- رقم ١٧٥ الطبعة الثانية، إلا أن ابن مسعود كان يكتب ما يوحي من القرآن في مصحفه كلما بلغه نزول آيات منه، فهو يختلف في ترتيب هذه الآيات عما امتازت به مصاحف عثمان من الترتيب بحسب العرض الأخير على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقدر ما أدى إليه اجتهاد الصحابة المؤيد بإجماعهم، ويحتمل أن يكون ابن مسعود فاته في مصحفه بعض ما استقصاه زيد بن ثابت وزملاؤه من الآيات التي كانت عند آخرين من قراء الصحابة، زد على ذلك أن ابن مسعود كان تغلب عليه لهجة قومه من هذيل، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم رخص لمثل ابن مسعود أن يقرأوا بلهجاتهم، ولكن ليس لابن مسعود أن يحمل الأمة في زمنه والأزمان بعده على لهجته الخاصة، فكان من الخير توحيد* الأمة على قراءة كتاب ربها باللهجة المضرية التي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
٨٥ كان الشريف في الجاهلية إذا نزل أرضًا في حيه استعوى كلبًا، فحمى لخيله وإبله وسوائمه مدى عواء الكلب لا يشركه فيه غيره، فلما جاء الإسلام نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "لا حِمَى إلا لله ورسوله" رواه البخاري
=

<<  <   >  >>