للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[أبو ذر ومسيره إلى الربذه]

لما زادت الرعية، واجتاز أصله للحاجة إليه جازت الزيادة؛ لزيادة الحاجة.

٥- وأما نفيه* أبا ذر إلى الربذة فلم يفعل ٨٦، كان أبو ذر زاهدًا،


من حديث الصعب بن جثامة في كتاب المساقاة: ك ٤٢ ب ١١، وكتاب الجهاد: ك ٥٦ ب ١٤٦ من صحيحه، ورواه الإمام أحمد في مسنده: ٧١: ٤ و٧٣ الطبعة الأولى، من حديث الصعب بن جثامة أيضًا، وقد حمى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مكانًا يسمى "النقيع" وهو "نقيع الخضمات" كما في مسند الإمام أحمد: ٩١: ٢، ١٥٥، ١٥٧ الطبعة الأولى- رقم ٥٦٥٥ و ٦٤٣٨ و ٦٤٦٤ الطبعة الثانية من حديث أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر العمري عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حمى النقيع للخيل، قال حماد بن خالد راوي هذا الحديث عن عبد الله بن عمر العمري: يا أبا عبد الرحمن خيله؟ قال: خيل المسلمين "أي المرصودة للجهاد، أو ما يملكه بيت المال". والنقيع هذا في المدينة على عشرين فرسخًا منها ومساحته ميل في ثمانية أميال كما في موطأ مالك برواية ابن وهب، ومعلوم أن الحال استمر في خلافة أبي بكر على ما كان عليه في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأن أبا بكر لم يخرج عن شيء كان عليه الحال في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لا سيما وأن حاجة الجهاد إلى الخيل والإبل زادت عن قبل.
وفي زمن عمر اتسع الحمى، فشمل "سرف" "والربذة"، وكان لعمر عامل على الحمى هو مولى له يدعى هنيًّا، وفي كتاب الجهاد من صحيح البخاري: ك ٥٦ ب ١٨٠ من حديث زيد بن أسلم عن أبيه نص وصية أمير المؤمنين عمر لعامله هذا على الحمى بأن يمنع نعم الأثرياء كعبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان، وأن يتسامح مع رب الغنيمة ورب الصريمة؛ لئلا تهلك ماشيتهما.
وكما اتسع عمر في الحمى عما كان عليه في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر؛ لزيادة سوائم بيت المال في زمنه، اتسع عثمان بعد ذلك؛ لاتساع الدولة وازدياد الفتوح، فالذي أجازه النبي صلى الله عليه وآله وسلم لسوائم بيت المال، ومضى على مثله أبو بكر وعمر، يجوز مثله لبيت المال في زمن عثمان، ويكون الاعتراض عليه اعتراضًا على أمر داخل التشريع الإسلامي، ولما أجاب عثمان على مسألة الحمى عندما دافع عن نفسه على ملأ من الصحابة أعلن أن الذين يلون له الحمى اقتصروا فيه على صدقات المسلمين يحمونها لئلا يكون بين من يليها وبين أحد تنازع، وأنهم ما منعوا ولا نحوا منها أحدًا. وذكر عن نفسه أنه قبل أن يلي الخلافة كان أكثر العرب بعيرًا وشاء، ثم أمسى وليس له غير بعيرين لحجه، وسأل من يعرف ذلك من الصحابة: أكذلك؟ قالوا: اللهم نعم. "خ".
٨٦ وإنما اختار أبو ذر أن يعتزل في الربذة فوافقه عثمان على ذلك، كما سيأتي في صـ ٨٨، وأكرمه وجهزه بما فيه راحته. "خ".
* وفي نسخة "د": بعثه. "س".

<<  <   >  >>