للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ابن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، قال: بل لأنه ابن عمة رسول الله صلى


= بأن يكيدوا لهذا الأمير الطيب الرحيم، وبثوا عليه العيون والجواسيس ليترقبوا حركاته، وكان بيته مفتوحًا دائما. وبينما كان عنده ذات يوم ضيف له من شعراء الشمال كان نصرانيًّا في أخواله من تغلب بأرض الجزيرة وأسلم على يد الوليد، فظن جواسيس الموتورين أن هذا الشاعر الذي كان نصرانيًّا لابد أن يكون ممن يشرب الخمر ولعل الوليد أن يكرمه بذلك، فنادوا أبا زينب وأبا المورع وأصحابهما، فاقتحموا الدار على الوليد من ناحية المسجد، ولم يكن لداره باب، فلما فوجيء بهم نحى شيئا أدخله تحت السرير، فأدخل بعضهم يده فأخرجه بلا أذن من صاحب الدار، فلما أخرج ذلك الشيء من تحت السرير إذا هو طبق عليه تفاريق عنب، وإنما نحاه الوليد استحياء أن يروا طبقه ليس عليه إلا تفريق عنب، فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون من الخجل، وسمع الناس بالحكاية فأقبلوا يسبونهم ويلعنونهم. وقد ستر الوليد عليهم ذلك وطواه عن عثمان وسكت عن ذلك وصبر، ثم تكررت مكايد جندب وأبي زينب وأبي المورع، وكانوا يغتنمون كل حادث فيسيئون تأويله ويفترون الكذب، وذهب بعض الذين كانوا عمالًا في الحكومة ونحاهم الوليد عن أعمالهم لسوء سيرتهم، فقصدوا المدينة وجعلوا يشكون الوليد لأمير المؤمنين عثمان ويطلبون منه عزله عن الكوفة، وفيما كان هؤلاء في المدينة دخل أبو زينب وأبو المورع دار الإمارة بالكوفة مع من يدخلها من غمار الناس وبقيا فيها إلى أن تنحى الوليد ليستريح، فخرج بقية القوم، وثبت أبو زينب وأبو المورع إلى أن تمكنا من سرقة خاتم الوليد من داره وخرجا. فلما استيقظ الوليد لم يجد خاتمه، فسأل عنه زوجتيه -وكانت في مخدع تريان منه زوار الوليد من وراء ستر- فقالتا: إن آخر من بقى في الدار رجلان، وذكرتا صفتهما وحلتيهما للوليد، فعرف أنهما أبو زينب وأبو المورع، وأدرك أنهما لم يسرقا الخاتم إلا لمكيدة بيتاها، فأرسل في طلبهما فلم يوجدا في الكوفة، وكانا قد سافرا إلى توا إلى المدينة، وتقدما شاهدين على الوليد بشرب الخمر "وأكبر ظني أنهما استلهما شهادتهما المزورة من تفاصيل الحادث الذي سبق وقوعه لقدامة بن مظعون في خلافة عمر" فقال لهما عثمان: كيف رأيتما؟ قالا: كنا في غاشيته، فدخلنا عليه وهو يقيء الخمر. فقال عثمان: ما يقيء الخمر إلا شاربها. فجيء بالوليد من الكوفة فحلف لعثمان وأخبره خبرهم، فقال عثمان: نقيم الحدود، ويبوء شاهد الزور بالنار.
هذه قصة اتهام الوليد بالخمر كما في حوادث سنة ٣٠ من تاريخ الطبري، وليس فيها -على تعدد مصادرها القديمة- شيء غير ذلك، وعناصر الخبر عند الطبري أن الشهود على الوليد اثنان من الموتورين الذين تعددت شواهد غلهم عليه، ولم يرد في الشهادة ذكر الصلاة من أصلها فضلًا عن أن تكون =

<<  <   >  >>