للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعضاء من الإنسان، وقد أخبر الحق تعالى أنه هوية كل عضو منها١، فلم يكن العامل غير الحق، والصورة للعبد، والهوية مدرجة٢ فيه، أي: في اسمه، لا غير لأنه تعالى عين ما ظهر٣".

ما الخلق؟:

ثم قال: "فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهية، والنسب الربانية، ثم أوجبها على نفسه بظهورنا لنا، وأعلمنا أنه هويتنا، لنعلم أنه ما أوجبها على نفسه إلا٤ لنفسه، فما خرجت الرحمة عنه، فعلى من [٢٦] امتن، وما ثم إلا


١ يزعم الزنديق أن الحق سبحانه عين كل عضو وجارحة من كل إنسان، فإذا سرقت يد فالسارق رب الصوفية، وإذا اجترح الفاحشة أثيم، فهو رب الصوفية وإذا ولغ لسان في الأعراض الشريفة فالوالغ رب الصوفية. وهكذا كل من يقترف جريمة، أو يروع الحق بباطله، والفضيلة برذائله، فهو في الحقيقة رب خلاق عند الصوفية. ولست أدري أي إله هذا الذي تقطع يده، ويرجم, ويجلد، وتقطع أيديه وأرجله من خلاف. وينفى من الأرض؟ أي إله هذا الذي يتدلي من مشافره ملايين الألسن، وتطحن الأعراض في شدقية ملايين الضروس، ويدب على الأرض فاتكا مدمرا بملايين الأرجل؟ إنه الإله الذي يحرق الصوفية أرواحهم في المحاريب ضراعة باسمه الكريم، وكنت بصدد الإشارة إلى أن ابن عربي بهذا يثبت أنه ممن يدينون بالجبر القاهر المطلق، بيد أن خبيئته أخبث وأدنأ عهرا من هذا، إنه يهدف إلى جعل الأمر فوضى وإباحية عربيدة المجون، إلى الانتقاض على كل شرعة وقانون ونظام، بل إلى شنها حربا طاحنة على الإسلام وحده، فإنه مجد اليهودية بعبادة عجل السامري، والمسيحية بعبادة عيسى، والمجوسية بعبادة النار، والوثنية بعبادة الأصنام، ثم التفت إلى المسلمين زاريا محقرا مبغضا ساخرا. لماذا؟ لأنهم يعبدون ربا واحدا، هو الله رب العالمين.
٢ في الأصل: مندوجة.
٣ ص١٥١-١٥٢ فصوص الحكم.
٤ في الأصل: لا.

<<  <  ج: ص:  >  >>