للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيره في كل صورة. ومعلوم أن هذه الصورة ما هي تلك الصورة الأخرى، فكأن العين الواحدة قامت مقام المرآة، فإذا نظر الناظر فيها إلى صورة معتقده في الله عرفه، وأقر به، وإذا اتفق أن يرى فيها معتقد غيره أنكره، كما يرى في المرآة عين صورته وصورة غيره، فالمرآة عين واحدة، والصور كثيرة في عين الرائي، وليس في المرآة صورة منها جملة واحدة من كون المرآة لها أثر في الصور بوجه، وما لها أثر بوجه١".

ثم قال: "فإن كوشف على أن الطبيعة عين نفس الرحمن، فقد أوتي خيرا كثيرا٢".

قلت: وإلى هذا أومأ ابن الفارض بقوله:

ولا تحسبن الأمر عني خارجا ... فما ساد إلا داخل في عبودتي٣

ولولاي لم يوجد وجود، ولم يكن ... شهود، ولم تعهد عهود بذمة

وفي عالم التركيب في كل صورة ... ظهرت بمعنى عنه بالحسن زينتي

وضربي لك الأمثال مني منة ... عليك بشأني مرة بعد مرة

تأمل مقامات السروجي٤ واعتبر ... بتلوينه، تحمل قبول مشورتي

وتدر٥ التباس النفس بالحس باطنا ... بمظهرها في كل شكل وصورة

وشاهد إذا استجليت نفسك ما ترى ... بغير مراء في المرائي٦ الصقيلة٧


١ ص١٨٤ فصوص.
٢ ص١٨٧ فصوص
٣ في الأصل: عبوتي.
٤ اسم الشخص الذي بنى عليه الحريري مقاماته.
٥ في الأصل: تدري.
٦ في الأصل: المرآة.
٧ يرد الشيخ الجليل ابن تيمية على هذا المثل الذي يمثل به ابن الفارض =

<<  <  ج: ص:  >  >>