للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لتكون النشأة كاملة فيها، فقال: "إن الله لطيف" فمن لطافته ولطفه، أنه في الشيء المسمى كذا المحدود بكذا، عين ذلك الشيء، حتى لا يقال فيه إلا ما يدل عليه اسمه بالتواطؤ١ والاصطلاح، فيقال: هذا سماء, وأرض, وصخرة، وشجرة، وحيوان، وملك، ورزق، وطعام، والعين واحدة٢ من كل شيء.


= ذلك سيبويه، حيث قال في كتابه: الشيء يقع على كل ما أخبر عنه، ومن جعل الشيء مرادفا للموجود، حصر الماهية بالموجود، ومن جعله أعم عمم الموجود والمعدوم".
ولكن ابن عربي يفسر الشيء بأنه المتحقق بالفعل، وعلى هذا, فالمعلوم أعم منه، إذ المعلوم عنده يتناول الموجودات: عينية، أو علمية ممكنة، أو ممتنعة، وابن عربي يزعم أن الحق عين كل معلوم، وهذا معناه أن إلهه عين الممكن، وعين الممتنع، عين الوجود الخارجي، وعين الوجود الذهني، عين الوهم، وعين الحقيقة عين الباطل وعين الحق، عين الغي والضلال, وعين الرشد والهدى، عين العدم والفناء، وعين الوجود والبقاء, هذا هو إله الصوفية الأعظم.
١ المتواطئ هو الكلي إن استوت أفراده فيه، كالإنسان بالنسبة إلى أفراده فالإنسانية في محمد مثلا عينها في بكر، عينها في خالد، عينها في كل فرد، فهو يطلق على كل فرد فرد بمعنى واحد لا يزيد، ولا ينقص في فرد عنه في فرد آخر. وكذلك اسم الله سبحانه -هكذا يفتري الزنديق الآثم ابن عربي- يقال على كل معلوم بالتواطؤ. يقال على الممكن والممتنع، على الموجود والمعدوم، على الوجود الذهني، وعلى الوجود الخارجي، على الإنسان والحيوان والجماد، والميكروبات والرمم!! هذا دين من لا يزال بعض كبار الشيوخ يتخذونه لهم قدوة وإماما، ويثورون ثورة الدنس والرذيلة على الطهر والفضيلة، إذا شاء كاتب أن يصفع باطله بيد الحق القاهرة القوية.
٢ يزعم أن السماء عين الأرض، وأن الصخرة عين الشجرة، وأن الجماد عين الحيوان، يؤمن بأن كل شيء من هذه الأشياء عين الآخر، ويؤمن بأن الله سبحانه عين كل شيء، فسمه بأي اسم شئت من أسماء هذه الأشياء، فلن تعدو الحق عند الزنديق، سمه أرضا، أو صخرة، أو شجرة، أو حيوانا، أو جمادا, أو حشرة، فالكل عينه؛ وهيوتها هويته، وماهيتها ماهيته، ووجودها عين وجوده، وأسماؤها أسماؤه!! أرأيت أية مادية صماء يوغل ابن عربي في الإيمان بها إذ يرى ربه صخرا وجمادا.
فأين هي الروحانية في التصوف يا أحلاس المجوسية، ويا عبدة الخنازير؟.

<<  <  ج: ص:  >  >>