للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا في معناه: "لا يستخفنك كثرة دروس العلوم النقلية، فوراءها علم مكنون أخذت ظاهره من حسي، وباطنه من عقلي، وسره من روحي، ومكنونه من سري من حيث أن كل واحد منها عيني وذاتي. ولا وصف, ولا نعت زائد علي حاكم بمغايرتي، وغيريتي إياها، فكنت المعطي، وكنت المعطى، وكنت الممد، وكنت المستمد، والفاعل والقابل١".

هذا أمرهم [٦٩] في الانسلاح من العقل.

[الصلة بين التصوف والنصرانية]

وقد شهد عليهم العلماء بذلك. قال العلامة قاضي القضاة شمس الدين البسطامي في أول كتاب له في أصول الدين في المسألة السادسة من الكتاب الثاني في أنه سبحانه ليس متحدا بشيء: "واعلم أن هذه الضلالة المستحيلة في العقول سرت في جماعة من المسلمين، نشئوا في الابتداء على الزهد والعبادة -إلى أن قال- ولهم في ذلك -أي: الاتحاد بالمعنى الذي قالته النصارى- كلمات يعسر تأويلها، بل منها ما لا يقبل التأويل، ولهم في التأويل خلط وخبط كلما أرادوا أن يقربوا من المعقول، ازدادوا بعدا، حتى إنهم استنبطوا قضية حلت لهم الراحة، وقنعوا في مغالطة الضرورة بها بالمغيب، وهي أن ما هم فيه، ويزعمونه وراء طور العقل، وأنه بالوجدان يحصل، ومن نازعهم محجوب مطرود عن الأسرار الإلهية" وهكذا قال الشيخ سعد الدين في شرح المقاصد، والشريف في شرح المواقف٢.

[ادعاؤه الربوبية]

ولما تمهد له في زعمه٣ ادعى أنه الله؛ عنادا لقوله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ


١ لو قرأت بإزاء هذا قول الله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} لحكمت على هذا الرجل بآية واحدة بأنه خارج عن الإسلام.
٢ سيق ذكر نص العضد والسعد.
٣ أي: في زعم ابن الفارض.

<<  <  ج: ص:  >  >>