للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإمام شمس الدين البساطي في شرح هذه الآيات: "ومن ظن هذا برهانا, فجنونه أعظم من جنون المتبوعة" وقال قبل ذلك:

زعمه أن الله سبحانه يصلي له:

ولا غرو أن صلى الأنام إلي أن ... ثوت بفؤادي، وهي قبل قبلتي

لها صلواتي بالمقام أقيمها ... وأشهد فيها أنها لي صلت

كلانا مصل واحد ساجد إلى ... حقيقته بالجمع١ في كل سجدة

وما كان لي صلى سواي٢ ولم تكن ... صلاتي لغيري في أدا كل ركعة

ثم قال بعد ذلك:

وفارق ضلال الفرق فالجمع، منتج ... هدى فرقة بالاتحاد تحدث


١ الجمع عند الصوفية: "شهود الحق بلا خلق، أو الإشارة إلى حق بلا خلق، وهو ما يسمى: وحدة الشهود" غير أن ابن الفارض يعني به هنا ما هو أشد كفرا، إذ يزعم أنه حين يسجد، فالساجد والمسجود له حقيقة واحدة هي الحق في صورة خلق، يعني الإله باعتبار الإطلاق، والإله باعتبار التعين في صورة ابن الفارض.
٢ فيما قبله عبر بقوله: كلانا مصل وكلا. والضمير الذي بهما يشعران بأنه ثم اثنان يؤديان الصلاة- وإن كان قد عقبه بما ينفي الاثنينية المفهومة من "كلانا" وهو قوله "واحد ساجد". غير أنه لم يكتف بهذا في نفي الاثنينية، فنظم هذا البيت "وما كان لي صلى سواي.. إلخ" توكيدا لنفي ما نفاه من قبل، وتوكيدا لمعنى الوحدة بينه وبين الله سبحانه، ومعنى قوله: احذر أن تفهم أن المصلى غير من صلى له، فإنما هما حقيقة واحدة تخدع غير العارف بتجليها في مظهرين غيبي وشهودي، أو مصلى له ومصل، المصلي أنا، والمصلى له أنا!! غير أني أقول للزنديق وعبيده: ما زال ثم غير. هو مكان الصلاة، فلا يثبت لك نفي الغيرية والاثنينية.

<<  <  ج: ص:  >  >>