للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا ظاهر في إرادة الاتحاد١ بحيث إن الذاتين تكونان ذاتا واحدة، لا شبهة فيه أصلا.

[ثباته على اعتقاد الوحدة]

ثم قال في إثباته٢، ونفي الحلول:

رجعت لأعمال العبادة عادة ... وأعددت أحوال الإرادة عدتي

وعذت بنسكي بعد هتكي، وعدت من ... خلاعة بسطي، لانقباض بعفتي

وصمت نهاري رغبة في مثوبة ... وأحييت ليلي رهبة من عقوبة

وعمرت أوقاتي بورد لوارد ... وصمت لسمت، واعتكاف لحرمة

وبنت عن الأوطان هجران قاطع ... مواصلة الأحباب، واخترت عزلتي

ودققت فكري في الحلال تورعا ... وراعيت في إصلاح قوتي، وقوتي

وأنفقت من يسر٣ القناعة راضيا ... من العيش في الدنيا بأيسر بلغة

وهذبت نفسي بالرياضة، ذاهبا ... إلى كشف ما حجب العوائد غطت

وجردت في التجريد عزمي تزهدا ... وآثرت في نسكي استجابة دعوتي

متى حلت عن قولي: أنا هي، أو أقل ... وحاشا لمثلي أنها في حلت

جميع هذه الأفعال التي هي محاسن الشريعة جعلها نقائض، ودعا على نفسه بها٤، إن ادعى الحلول، أو حال عن دعوى الاتحاد.


١ الصور اللفظية لابن الفارض تشعر بهذا، أما معانيه وشرحه في القصيدة لمعتقده فيؤكدان إيمانه بالوحدة.
٢ أي: في إثبات الاتحاد، والحق أنها وغيرها في إثبات الوحدة.
٣ في الأصل: سر، والتصويب من الديوان.
٤ يدعو ابن الفارض على نفسه بالعودة إلى مرتبة العبودية المصلية الصائمة الذاكرة، المنطوية على أحزانها في كهف الزهد وغيابة الحرمان، يدعو بهذا على نفسه إن تحول يوما عما يدين به، وهو أنه هو الله سبحانه، أو كما يقول: متى حلت عن قولي: أنا هي! وجواب "متى" يدل عليه ما سبق من أول قوله: رجعت لأعمال العبادة ... إلخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>