للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن هنا تعلم أنهم١ لا أرضوه، ولا أرضوا الله ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا أحدا من المؤمنين، فإنه هو لا يرضى إلا أن يكون خليعا، وهم يقولون: متقيد، وهو يقول: أن ما قاله مبيح للدم، وهم يقولون: لا يبيحه، وهو يقول: إنه عاقل صاح، وهم يقولون: مجنون [٧٦] سكران، وهو يقول: إن ما قاله: حقيقة، وهم يقولون: مجازا٢، ولا يقدرون على تخريجه على المجاز وهو لا يرضى إلا أن يكون هو الله، وينهى عن ذكره بغير.

لماذا يزجر عن تكنيته بكنية، أو تلقيبه بلقب

وألغ الكنى عني ولا تلغ أكلنا٣ ... بها، فهي من آثار صيغة صنعتي٤

وعن لقبي بالعارف ارجع فإن ترى التـ ... ـنابذ بالألقاب في الذكر تمقت

قال شراحها: "أي: أسقط الكنى عني، ولا تستعمل اللغو في إطلاقها على حال كونك عييا٥ عن الكلام في تعريف مقامي، فإنها من آثار مصنوعاتي، إذ الإنسان صاغها، وهو من جملة مصنوعاتي التي أوجدتها، وارجع عن إطلاقك علي اسم العارف؛ لاتحادي بذات من لا يطلق عليه هذا الاسم".

فلم يدع جهدا في زجرهم عن تسميته بالعارف، ولم يدع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لبسا في أمرهم بتكفيره، وهم٦ يعصون كلا من الأمرين,


١ يعني: شارح التائية.
٢ الحق أن أكثر الشراح للتائية يدينون بأن قول ابن الفارض في الاتحاد والوحدة حقيقي، لا مجازي. والقائلون بالمجاز قلة من منافقي الصوفية خشية على السحت الذي يأكلون به مال اليتامى والأيامى.
٣ يقصد: الإنسان.
٤ لا تلغ: لا تكلم باللغو. والألكن: الثقيل اللسان في التكلم.
٥ في الأصل: عيبا.
٦ أي: اتباع ابن الفارض.

<<  <  ج: ص:  >  >>