للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يرجعون عن شيء من المنهيين، فيا خسارتهم بما ضروا به أنفسهم فيما لا ينفعهم، كما قال تعالى فيمن يعبد الله على حرف: {يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُ وَمَا لا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ، يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ} [الحج: ١٢، ١٣] .

[زعمة أنه عرج إلى السماء]

وادعى العروج إلى الله، والوصول إلى مقام: أو أدنى، ١ فقال:

ومن أنا إياها، إلى حيث لا إلى ... عرجت، وعطرت الوجود برجعتي

قالوا في شرحه: "عرجت من مقام: أنا إياها -وهو ابتداء الاتحاد- ومن قولهم: أنا الحق٢، ولا إله إلا أنا فاعبدني٣، إلى أن وصلت إلى مقام لا نهاية فيه، وعطر الوجود برجوعه، لاتصافه بصفات الرحمن٤، واتحاده. بذات الملك الديان".


١ يقرر المؤلف ما زعمه ابن الفارض من العروج إلى السماء، ووصوله إلى مقام "أو أدنى" المشار إليه بقوله تعالى: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} ويعني به ابن الفارض: الدنو من الله، لا من جبريل كما هو الحق. والكمشخانلي الصوفي يشرح هذا المقام في كتابه: جامع الأصول في الأولياء، فيقول: "هو مقام القرب الأسمائي باعتبار التقابل بين الأسماء في الأمر الإلهي، المسمى: بدائرة الوجود، كالإبداء والإعادة والعروج والفاعلية والقابلية، وهو الاتحاد بالحق مع بقاء التمييز والاثنينية الاعتبارية. هناك الفناء المحض، والطمس الكلي للرسوم كلها" ومن هنا تدرك لم ادعى ابن الفارض أنه وصل إلى هذا المقام ثم رجع منه، إذ لم يرتض حتى الاثنينية الاعتبارية، أو بقاء التمييز بينه وبين الله سبحانه بوجه ما. وكيف يرتضيه وهو يفتري أنه هو الله ذاتا وصفة وخلقا؟.
٢ كفر الحلاج.
٣ قول طيفور الشهير بالبسطامي عن نفسه.
٤ يزعم أنه عاد من مقام أو أدنى -وقد ذكرت مرادهم منه- رحمانا. =

<<  <  ج: ص:  >  >>