للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كهذا الرجل، فإنه ليس شيء ينفع الدين أصلا، وليس له من الشعر إلا ما عادى به الإسلام، وأهله، وأذاهم غاية الأذى، وأوقع به بينهم١ العداوة والبغضاء؛ لأنه ملأه كفرا وخلاعة، وصدا عن الدين وشناعة، فقد حاد به الله ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد قال تعالى: {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [٧٩] وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} [المجادلة: ٢٢] . فنحن في غاية السلامة، إن شاء الله تعالى، لما قدمت. وأما من يحامي عنه، فهو دائر بين اعتقاد ما تضمنه كلامه، وذلك هو الكفر الموجب للسيف في الدنيا، والخلود في النار في الأخرى، وبين الذب٢ عنه مع الجهل لما قال، وذلك موجب لموادة من حاد الله ورسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الموجبة لعداوتها الجارة إلى كل شقاء.


= وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة. والمقصود والله أعلم: الشعر الذي يمجد الرذيلة، ويفسد الخلق والدين، وينابذ القيم الروحية، ويصرف النفس عن الحق من الكتاب والسنة. أما الشعر الذي يستلهم الإيمان والحكمة، ويصور المثل العليا، ويمجد قيم الحق والخير والمحبة، ويستحث النفوس على الجهاد في سبيل الحق. هذا الشعر من هواتف النفس المؤمنة، وليس بذي مذمة ولا مبغضة، ودليلي قول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن من الشعر حكمة" رواه البخاري وأبو داود عن أبي بن كعب، ورواه الترمذي عن ابن مسعود، وأيضا ما روته عائشة رضي الله عنها "أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كان يضع لحسان منبرا في المسجد يقوم عليه قائما, ينافح عن رسول الله, ثم يقول: "إن الله يؤيد حسانا يروح القدس ما نافح -أو فاخر- عن رسول الله" أخرجه البخاري -واللفظ له- وأبو داود والترمذي، كلهم عن عائشة رضي الله عنها.
١ يعني: بين المسلمين.
٢ في الأصل: الذنب. والسياق يوجب ما أثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>