للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأي بلاد الله حلت بها، فما ... أراها وفي عيني حلت غير مكة

وأي مكان ضمها حرم، كذا ... أرى كل دار أوطئت١ دار هجرة

وما سكنته، فهو بيت مقدس ... بقرة عيني، فيه أحشاي قرت

ومسجدي الأقصى مساحب بردها ... وطيبي ثرى أرض عليها تمشت

وشكري لي، والبر مني واصل ... إلي, ونفسي باتحادي استبدت

وثم أمور تم لي كشف سترها ... بصحو مفيق عن سواي تغطت

بها لم يبح من لم يبح دمه، وفي الإشارة معنى ما العبارة حدت

وقلبي بيت فيه أسكن. دونه ... ظهور صفاتي عنه من حجيبتي

ومنها يميني فيّ ركن مقبل ... ومن قبلتي للحم في فيّ قبلتي

وحولي بالمعنى طوافي حقيقة ... [١٧] وسعي لوجهي من صفائي لمروتي٢

وفي حرم من باطني أمن ظاهري ... ومن حوله يخشى تخطف جيرتي٣


= وحده، وتمتلئ قلوبهم خوفا من الله وحده، ورجاء فيه وحده.. وهكذا كل شيطان صوفي يحذر أتباعه من الشرع وأتباعه، ويأمرهم أن يكونوا بين يديه هو كجثة الميت بين يدي الغاسل، ويظل يقتل فيهم الشعور، ويميت منهم الكرامة، ويستعبد منهم الفكر، ويبيد فيهم كل إحساس بالذاتية، حتى يصبحوا لهواه عبيدا صاغرين، فينتهك حرمات الله ظانين أنه ثم مع الله، ويلعق دم الجريمة، وهم يحسبون أنه بذلك يقضي دين حب الله، ويترع حميم الخمر، ويقسمون أنها شراب من يد الله!!
١ في الأصل: وطنت.
٢ يقصد: الصفا والمروة: يريد أن يقول: إنه إذا طاف فإنما يطوف حول نفسه، وإذا سعى بين الصفا والمروة، فإنما يسعى لوجهه، ذلك لإيمانه بأن العابد والمعبود عين واحدة. ولقد أقسم لي صوفي. أنه ليس ممن يطوفون حول الكعبة بل هو ممن تطوف حولهم الكعبة.
٣ يريد أن يقول: إنه هو الحرام، ويشير إلى قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ} [العنكبوت: ٦٧] بالزنديق يزعم أن باطنه الخبيث هو هذا القدس الطهور.

<<  <  ج: ص:  >  >>