للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآية، وإذا جاز تلبسه بصورة الجماد١، فبصورة الإنسان أجمع وأولى عند فنائه عن تعينه وتشخصه. وأما السنة، فقوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حكاية عنه تعالى: "كنت سمعه وبصره ولسانه ويده ورجله٢" وقوله أيضا: فإن الله تعالى قال


١ تأمل رعونة الزندقة في التعبير، حيث يصف الله سبحانه وتعالى بأنه تلبس بالشجرة، أو كان هو الشجرة وهو يكلم موسى، ويفجر في زعمه فيقرر أن القرآن يثبت هذا!
٢ يعني ما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قال: "يقول الله تعالى: "من عادى لي وليا، فقد بارزني بالمحاربة، وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضته, ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، فبي يسمع، وبي يبصر، وبي يبطش، وبي يسعى.. الحديث" ويستدل الصوفية بهذا الحديث على أن الله سبحانه عين خلقه، وعلى أن العبد يحور ربا. وإليك رد الشيخ ابن تيمية عليهم: "والحديث حجة عليهم من وجوه كثيرة، منها قوله: من عادى لي وليا، فقد بارزني بالمحاربة، فأثبت معاديا محاربا، ووليا غير المعادي، وأثبت لنفسه سبحانه هذا وهذا ومنها قوله: وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضته عليه، فأثبت عبدا متقربا إلى ربه، وربا افترض عليه فرائضه، ومنها قوله: ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فأثبت متقربا، ومتقربا إليه، ومحبا ومحبوبا غيره، وهذا كله ينقض قولهم: الوجود واحد. والحديث حق، فإن ولي الله لكمال طاعته لله ومحبته لله يبقى إدراكه لله، وباطنه وعمله لله وبالله، فما يسمعه مما يحبه الحق أحبه، وما يسمعه مما يبغضه الحق أبغضه، وما يراه مما يحبه الحق أحبه، وما يراه مما يبغضه الحق أبغضه ويبقى في سمعه وبصره من النور ما يميز به بين الحق والباطل، فولي الله فيه من الموافقة لله ما يتحد به المحبوب والمكروه، والمأمور والمنهي عنه ونحو ذلك، فيبقى محبوب الحق محبوبه، ومكروه الحق مكروهه، ومأمور الحق مأموره، وولي الحق وليه، وعدو الحق عدوه" ص٤٨ رسالة الرد الأقوم ط السنة المحمدية.
هذا والحديث رواية البخاري عن خالد بن مخلد القطواني الكوفي أبي الهيثم. وقد تكلم فيه. قال العجلي عنه: ثقة فيه تشيع, وقال ابن سعد: منكر الحديث متشيع مفرط، وقال أحمد بن حنبل: له مناكير، وقال أبو داود: صدوق إلا أنه يتشيع وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، وقد عد هذا الحديث من مناكير خالد يقول الذهبي: "هذا حديث غريب جدا، ولولا هيبة الجامع الصحيح لعددته في منكرات خالد، وذلك لغرابة لفظه، ولأنه مما ينفرد به شريك، وليس بالحافظ" والحدث -على افتراض صحته- حجة على الصوفية كما رأيت.

<<  <  ج: ص:  >  >>