للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قَوْله - تَعَالَى -: {قَالُوا يَا مُوسَى إِن فِيهَا قوما جبارين} الْجَبَّار: هُوَ كل عَاتٍ يجْبر النَّاس على مُرَاده، وَالله - تَعَالَى - جَبَّار، يجْبر الْخلق على مُرَاده، وَذَلِكَ مِنْهُ حق وَله مدح، وَأما الجبروت لِلْخلقِ ذمّ، وأصل الْجَبَّار: المتعظم الْمُمْتَنع عَن الذل والقهر، وَمِنْه يُقَال: نَخْلَة جبارَة إِذا كَانَت طَوِيلَة ممتنعة على وُصُول الْأَيْدِي إِلَيْهَا، وسمى أُولَئِكَ الْقَوْم جبارين؛ لطولهم، وامتناعهم بِقُوَّة أَجْسَادهم، والقصة فِي ذَلِك: أَن هَؤُلَاءِ كَانُوا فِي مَدِينَة " أرِيحَا " بِالشَّام، وَكَانَ فِيهَا ألف قَرْيَة فِي كل قَرْيَة، ألف بُسْتَان، وَكَانَ فِيهَا العمالقة، وَبَقِيَّة من قوم عَاد وَهِي مَدِينَة الجبارين.

روى عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس: أَن مُوسَى صلوَات الله عَلَيْهِ كَانَ قد بعث أُولَئِكَ النُّقَبَاء، وهم اثْنَا عشر نَقِيبًا إِلَى تِلْكَ الْمَدِينَة؛ ليتعرفوا أَحْوَالهم، فَلَمَّا وصلوا إِلَيْهَا لَقِيَهُمْ رجل مِنْهُم، فَأَخذهُم جملَة فِي كمه وأتى بهم إِلَى الْملك، ونثرهم بَين يَدَيْهِ، وَقَالَ هَؤُلَاءِ الَّذين جَاءُوا ليقاتلونا؛ فَقَالَ الْملك: ارْجعُوا وأخبروهم بِمَا لَقِيتُم، فَرَجَعُوا.

وَفِي بعض التفاسير: أَنهم أخذُوا عنقودا من الْعِنَب، وجعلوه على عَمُود بَين رجلَيْنِ حَتَّى قدرُوا على حمله، وَأخذُوا رمانتين، وحملوهما على دَابَّة كَادَت تعجز عَن حملهما فَلَمَّا رجعُوا إِلَى بني إِسْرَائِيل خوفوهم، وَقَالُوا: إِنَّكُم لَا تقاومونهم إِلَّا رجلَيْنِ مِنْهُم: يُوشَع بن نون وكالب بن يوقنا، وذكرهما فِي الْآيَة الْأُخْرَى، وَأما الْبَاقُونَ من بني إِسْرَائِيل خالفوا وامتنعوا من قِتَالهمْ، وَقَالُوا: يَا مُوسَى إِن فِيهَا قوما جبارين {وَإِنَّا لن ندْخلهَا حَتَّى يخرجُوا مِنْهَا فَإِن يخرجُوا مِنْهَا فَإنَّا داخلون} .

<<  <  ج: ص:  >  >>