للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْمُشْركُونَ نجس} معنى قَوْله {نجس} قذر، فَإِذا ضم إِلَى غَيره قيل: رِجْس نجس، وَإِذا أفرد قيل: نجس.

رُوِيَ عَن عمر بن عبد الْعَزِيز أَنه قَالَ: نجاستهم كنجاسة الْكَلْب وَالْخِنْزِير.

وَعَن الْحسن الْبَصْرِيّ قَالَ: إِذا صَافح مُسلم كَافِرًا يجب عَلَيْهِ غسل يَده.

وَالصَّحِيح أَن المُرَاد من الْآيَة: أَنه يجب الاجتناب مِنْهُم كَمَا يجب الاجتناب من النَّجَاسَات. وَقيل إِن معنى قَوْله {نجس} : أَنهم يجنبون فَلَا يغتسلون، ويحدثون فَلَا يَتَوَضَّئُونَ.

قَوْله تَعَالَى: {فَلَا يقربُوا الْمَسْجِد الْحَرَام بعد عَامهمْ هَذَا} هَذَا خبر بِمَعْنى أَمر، وَمَعْنَاهُ: لَا تخلوهم أَن يدخلُوا الْمَسْجِد الْحَرَام بعد عَامهمْ هَذَا.

وَمذهب الْمَدَنِيين: أَن الْمَسْجِد الْحَرَام هُوَ جَمِيع الْحرم، وَلَا يتْرك كَافِر يدْخلهُ، وَإِن كَانَ معاهدا أَو عبدا، وَهَذَا قَول عمر بن عبد الْعَزِيز وَجَمَاعَة.

وَمذهب الْكُوفِيّين: أَنه يجوز أَن يدْخلهُ الْمعَاهد وَالْعَبْد، وَهَذَا مَرْوِيّ عَن جَابر.

وَقَوله: {وَإِن خِفْتُمْ عيلة} يَعْنِي: فقرا. وَفِي مصحف عبد الله بن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ -: " وَإِن خِفْتُمْ عائلة " يَعْنِي: أمرا شاقا، يُقَال: عالني الْأَمر، أَي: شقّ عَليّ.

وَسبب نزُول الْآيَة: أَن أهل مَكَّة إِنَّمَا كَانَت مَعَايشهمْ من التِّجَارَات والأرباح، فَلَمَّا أَمر الله تَعَالَى الْمُسلمين أَن لَا يخلوا الْكفَّار أَن يدخلُوا الْمَسْجِد الْحَرَام، قَالُوا: فَكيف

<<  <  ج: ص:  >  >>