للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قَوْله تَعَالَى: {بل ادارك} وَقُرِئَ: " بل أدْرك "، فَمنهمْ من قَالَ: مَعْنَاهُمَا وَاحِد، وَمِنْهُم من قَالَ: " ادارك " أَي: تتَابع وتلاحق، وَقَوله ((أدْرك)) أى: فصل وَلحق، وَأما معنى الْآيَة: قَالَ السدى: أى صَارُوا عُلَمَاء فِي الْآخِرَة بِمَا لم يعلمُوا فِي الدُّنْيَا، وَهُوَ فِي معنى قَوْله تَعَالَى: {أسمع بهم وَأبْصر} وَعَن (ابْن) سعيد الضَّرِير قَالَ: " بل أدْرك " أَي: علمُوا فِي الْآخِرَة أَن الَّذِي كَانُوا يوعدون حق. وَهَذَا قريب من الأول، وأنشدوا (للأخطل) :

(وَأدْركَ علمي فِي سواءة أَنَّهَا ... تقيم على الأوتار وَالْمشْرَب الكدر)

أَي: أحَاط علمي بهَا أَنَّهَا هَكَذَا. وَذكر عَليّ بن عِيسَى: أَن معنى بل هَاهُنَا هُوَ: لَو أدركوا فِي الدُّنْيَا مَا أدركوا فِي الْآخِرَة لم يشكوا. وَقَالَ الْفراء: قَوْله: {بل أدْرك علمهمْ فِي الْآخِرَة} أَي: غَابَ علمهمْ وَسقط فِي الدُّنْيَا، على معنى أَنهم لم يعلمُوا. وَعَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ: " بلَى ادارك " على طَرِيق الِاسْتِفْهَام: أَي لم يتدارك، وَهَذَا يُؤَيّد قَول الْفراء.

وَقَوله: {بل هم فِي شكّ مِنْهَا} أَي: هم فِي شكّ مِنْهَا الْيَوْم.

وَقَوله: {بل هم مِنْهَا عمون} أَي: لَا يَهْتَدُونَ إِلَيْهَا، وَيُقَال: بل الأولى بِمَعْنى لَو على مَا بَينا، وبل الثَّانِيَة على معنى أم، وبل الثَّالِثَة على حَقِيقَتهَا. وَذكر بعض أهل الْعلم أَن قَوْله: {بل ادارك علمهمْ} أَي: تدارك ظنهم فِي الْآخِرَة (وتتابع) بالْقَوْل بِالظَّنِّ والحدس.

وَقَوله: {بل هم مِنْهَا عمون} أَي: هم جهلة بِالآخِرَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>