للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَقَوله: {كَأَنَّهُمْ يَوْم يرونها لم يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّة أَو ضحاها} أَي: أول نَهَار أَو آخر نَهَار، فَأول النَّهَار من طُلُوع الشَّمْس إِلَى ارتفاعها، وَآخر النَّهَار من الْعَصْر إِلَى غُرُوبهَا، وَهُوَ مثل قَوْله تَعَالَى: {كَأَن لم يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَة من نَهَار بَلَاغ} فَإِن قيل: كَيفَ أضَاف ضحى النَّهَار إِلَى عشيته، وَإِنَّمَا ضحى النَّهَار يُضَاف إِلَى النَّهَار فَبِأَي وَجه تستقيم هَذِه الْإِضَافَة؟ وَالْجَوَاب: أَنه يجوز مثل هَذَا فِي كَلَام الْعَرَب، وهم يَفْعَلُونَ كَذَلِك ويريدون بِمثل هَذِه الْإِضَافَة، الْإِضَافَة إِلَى النَّهَار.

قَالَ الشَّاعِر:

(نَحن صبحنا عَامِرًا فِي دارها ... عيشة الْهلَال أَو سرارها)

وَقيل معنى ذَلِك: كَأَن لم يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّة أَو ضحاها أَي: يَوْمًا من الْأَيَّام، فَالْمُرَاد من العشية هُوَ الْيَوْم، وَالضُّحَى هُوَ الْيَوْم أَيْضا، فَإِن قيل: كَيفَ يَصح هَذَا الظَّن، وعندكم أَنهم يُعَذبُونَ فِي قُبُورهم؟ وَالْجَوَاب: أَنهم يخفتون خفتة بَين النفختين، فَإِذا بعثوا ظنُّوا مَا بَينا، لأَنهم نسوا الْعَذَاب فِي تِلْكَ الخفتة، وَالله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>