للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَالْقَوْلُ فِيهِمْ كَالْقَوْلِ فِي الْبَاغِي إِذَا اسْتَحْفَلَ شَأْنُهُ، وَتَمَادَى زَمَانُهُ، وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَوْ صَادَفَهُ، وَدَافَعَهُ بِمَنْ مَعَهُ، لَاصْطَلَمَ الْبَاغِي أَتْبَاعَهُ وَأَشْيَاعَهُ، وَلَمْ يَسْتَفِدْ بِلِقَائِهِ إِلَّا فِرَطَ عَنَائِهِ، وَاسْتِئْصَالَ أَوْلِيَائِهِ.

٣١٧ - فَالْوَجْهُ أَنْ يُدَارِيَ وَيَسْتَعِدَّ جُهْدَهُ، فَإِنْ سَقَطَتْ مُنَّةُ الْإِمَامِ بِالْكُلِّيَّةِ، فَهَذَا إِمَامٌ سَقَطَتْ طَاعَتُهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ فِي صِفَاتِ الْأَئِمَّةِ.

٣١٨ - فَهَذَا بَيَانُ الْقَوْلِ فِي مُقَاتَلَةِ فِرَقِ الْمُسْلِمِينَ، وَتَتِمَّةُ الْكَلَامِ فِيهِ أَنَّ اجْتِهَادَ الْإِمَامِ إِذَا أَدَّى إِلَى حُكْمٍ فِي مَسْأَلَةٍ مَظْنُونَةٍ، وَدَعَا إِلَى مُوجَبِ اجْتِهَادِهِ قَوْمًا فَيَتَحَتَّمُ عَلَيْهِمْ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ، فَإِنْ أَبَوْا قَاتَلَهُمُ الْإِمَامُ، كَمَا قَاتَلَ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَانِعِي الزَّكَاةِ، فِي الْقِصَّةِ الْمَعْرُوفَةِ، ثُمَّ قِتَالُهُ إِيَّاهُمْ لَا يَعْتَمِدُ ظَنًّا، فَإِنَّهُ لَا يَسُوغُ تَعْرِيضَ الْمُسْلِمِينَ لِلْقَتْلِ مِنَ الْفِئَتَيْنِ عَلَى ظَنٍّ وَحَدْسٍ، وَتَخْمِينِ نَفْسٍ، بَلْ يَجِبُ اتِّبَاعُ الْإِمَامِ قَطْعًا فِيمَا يَرَاهُ مِنَ الْمُجْتَهِدَاتِ ; فَيُرَتَّبُ الْقِتَالُ عَلَى أَمْرٍ مَقْطُوعٍ بِهِ، وَهُوَ تَحْرِيمُ مُخَالَفَةِ الْإِمَامِ فِي الْأَمْرِ

<<  <   >  >>