للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعليل الشريعة ١:

قبل أن يشرع الشاطبي في تناول موضوع المقاصد وتفصيل الكلام فيه، قدم له بمقدمة وصفها بأنها "كلامية". تعرض فيها -باقتضاب- لمسألة تعليل الشريعة وأحكامها. ونص فيها على "أن وضع الشرائع إنما هو لمصالح العباد في العاجل والآجل معًا" وأن هذا هو قول المعتزلة قاطبة، وهو اختيار أكثر الفقهاء المتأخرين، خلافًا للرازي الذي "زعم أن أحكام الله ليست معللة بعلة البتة، كما أن أفعاله كذلك".

ثم نص على أن استقراء الشريعة يفيد علمًا قطعيا بأن الشريعة إنما وضعت لمصالح العباد، وأن هذا التعليل "مستمر في جميع تفاصيل الشريعة" موردًا بين هذا وذاك طرفًا من النصوص المتضمنة لتعليل الشريعة، تعليلًا عاما، أو تعليلًا جزئيا لبعض أحكامها. فمن الأولى قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} ٢ ومن الثانية قوله سبحانه بعد آية الوضوء {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} ٣.

تقسيمه للمقاصد:

قسم الشاطبي المقاصد إلى قسمين: قصد الشارع، وقصد المكلف.

وقسم القسم الأول إلى أربعة أنواع هي:

النوع الأول: قصد الشارع في وضع الشريعة.

النوع الثاني: قصد الشارع في وضع الشريعة للإفهام.

النوع الثالث: قصد الشارع في وضع الشريعة للتكليف بمقتضاها.

النوع الرابع: قصد الشارع في دخول المكلف تحت أحكام الشريعة.


١ نظرا للأهمية الأساسية لهذه المسألة في موضوع المقاصد، ونظرًا لكون الشاطبي قد أوجز فيها إيجازًا شديدًا، فسأعود إليها -إن شاء الله- في فصل خاص، "هو الفصل الأول من الباب الثالث".
٢ سورة الأنبياء: ١٠٧.
٣ سورة المائدة: ٦.

<<  <   >  >>