للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما قرره في المسألة الثامنة بقوله: "إذا رأيت في المدينات١ أصلًا كليات فتأمله تجده جزئيا بالنسبة إلى ما هو أعم منه، أو تكميلًا لأصل كلي، وبيان ذلك أن الأصول الكلية التي جاءت الشريعة بحفظها خمسة وهي: الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال٢.

ومراده من هذا الكلام أن التشريعات التي جاءت بالمدينة، وإن وجد فيها ما يعتبر أصلًا كليا، وقاعدة عامة، فإنها تعتبر فروعًا للكليات الأعم والأهم، وهي التي نزلت -لأهميتها- بمكة. فمقاصد التشريع العليا، وأسسه الكبرى، تم إرساؤه في القرآن المكي، جنبا إلى جنب مع أصول العقيدة وأسسها.

ثم بين ذلك رحمه الله، بإرجاع الأصول الخمسة إلى أدلتها من القرآن المكي:

أما حفظ الدين وتصحيح الإيمان وتثبيته في القرآن المكي، فمسألة أشهر وأوضح من أن تحتاج إلى دليل أو مثال، حتى لقد شاع -خطأ- أن القرآن المكي لا يحتوي إلا على هذا. وهي الفكرة التي يصححها الإمام الشاطبي من خلال بيان ما اشتمل عليه القرآن المكي لا يحتوي إلا على هذا. وهي الفكرة التي يصححها الإمام الشاطبي من خلال بيان ما اشتمل عليه القرآن المكي من قواعد وكليات تشريعية من قبيل ما يلي:

وأما حفظ النفس، فقد نص عليه في كثير من الآيات المكية كقوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} ٣ وقوله: {وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ، بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} ٤، وغيرهما.

وحفظ النفس يتضمن حفظ العقل. وأما "تكميل" حفظ العقل، فقد جاء في المدينة بتحريم المسكرات، وإقامة الحد عليها. فالحفظ الأول أساس الحفظ الثاني، وهذا هو المراد بيانه في هذا السياق.


١ أي الأحكام التي شرعت بالمدينة، فهي امتداد وتفصيل لما جاء بمكة. وينبغي النظر إليها وفهمها على هذا الأساس.
٢ الموافقات: ٣/ ٤٦-٤٧.
٣ الأنعام: ١٥١.
٤ سورة التكوير: ٨.

<<  <   >  >>