للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذلك أن ما نص عليه من هذه المقاصد التوابع، هو مثبت للمقصد الأصلي، ومقو لحكمته، ومستدع لطلبه وإدامته، ومستجلب لتوالي التراحم والتواصل والتعاطف، الذي يحصل به مقصد الشارع الأصلي من التناسل.

فاستدللنا بذلك على أن كل ما لم ينص عليه مما شأنه ذلك، مقصود للشارع أيضًا"١.

وفي سياق كلام على أقسام الحكم الشرعي، لاحظ هذا المعنى في علاقة أنواع الحكم الشرعي بعضها ببعض. وبصفة خاصة في علاقة المندوب بالواجب وعلاقة المكروه بالمحرم. وفي هذا يقول: "المكروه إذا اعتبرته كذلك مع الممنوع، كان كالمندوب مع الواجب، وبعض الواجبات منه ما يكون مقصودًا، وهو أعظمها. ومنه ما يكون وسيلة وخادمًا للمقصود، كطهارة الحدث وستر العورة، واستقبال القبلة، والأذان للتعريف بالأوقات، وإظهار شعائر الإسلام، مع الصلاة"٢.

فواجب الصلاة بالنسبة لبقية الواجبات المكملة لها، هو صورة أخرى من صورة اعتبار الشارع لما يخدم ويكمل مقاصده الأصلية والأساسية. وفي هذا سند للقول بأن ما يخدم ويقوي مقصودًا للشارع، فهو مقصود أيضًا، وإن كان قصدًا تبعيا.

وعلى هذا المهيع جرى، عندما تعرض -في المقدمات- لطلب العلم، وما ينبغي لطالبه وما لا ينبغي. حيث اعتبر أن للعلم مقصودًا أصليا "بالنسبة لطالبه وهو: التعبد، وله مقاصد تابعة، قال:

"فالقصد الأصلي، ما تقدم ذكره، وأما التابع، فهو الذي يذكره الجمهور من كون صاحبه شريفًا. وأن قوله نافذ وأن تعظيمه واجب على جميع المكلفين، إذ قام لهم مقام النبي، لأن العلماء ورثة الأنبياء. إلى سائر ما له في


١ الموافقات، ٢/ ٣٩٦- ٣٩٧. وانظر في نفس السياق تطبيقه لهذا التقسيم على مقاصد الصلاة والصيام، ص٣٩٩-٤٠٠.
٢ الموافقات، ١/ ١٥٢.

<<  <   >  >>