للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومنصبه فَوَقَعت عين البتكين على سبكتكين وَجرى على لِسَانه وهبتها هَذَا الْغُلَام الصَّغِير فَقَالَ الْحَاجِب يَا مولَايَ لم تمض ثَلَاثَة أَيَّام بعد على شرائك هَذَا الْغُلَام الصَّغِير الَّذِي يَنْبَغِي أَن يمْضِي سبع سنوات فِي الْخدمَة حَتَّى يصل إِلَى هَذِه الْمرتبَة فَأنى تمنح لَهُ قَالَ البتكين لقد قلت وَسمع الْغُلَام فَانْحنى شاكرا وإنني لأمنحه هَذِه الْمنزلَة هبة وأعطية أما الاخرون غيرَة فَيَنْبَغِي أَن تطبق عَلَيْهِم الْأُصُول المرعية سَابِقًا ثمَّ سلم العنبر فآلت إِلَيْهِ كل خدمَة سبع أَو ثَمَانِي سنوات

وفكر البتكين فِي نَفسه مَا السِّرّ فِي بُلُوغ غُلَام غرير اشْترِي حَدِيثا منزلَة خدمَة سبع السنوات قد يكون تحدره من أسرة كَرِيمَة بتركستان أَو أَن الْحَظ سيبتسم لَهُ ويصل بِهِ إِلَى أَعلَى الدَّرَجَات وَشرع فِي تدريبه واختباره وإرساله بالأخبار إِلَى هَذَا وَذَاكَ وَكَانَ يَقُول لَهُ البتكين اذْهَبْ واتني بِالْجَوَابِ فَكَانَ يذهب وَيعود بِالْجَوَابِ على نَحْو أفضل من نَقله الْخَبَر وَلما ثَبت لَهُ بالإختبار أَن الْغُلَام يُبْدِي تقدما يَوْمًا بعد يَوْم وقرت محبته فِي قلبه فَوكل إِلَيْهِ أَمر السِّقَايَة ثمَّ أمره بالإنقطاع إِلَى خدمته هُوَ فَقَط وَخَصه بفوج من عشرَة غلْمَان صغَار وَأخذ يزِيد فِي مَنْزِلَته يوميا

وَمَا أَن بلغ سبكتكين الثَّامِنَة عشرَة إِلَّا وَله فَوْج من مِائَتي غُلَام شُجَاع وَقد تقف كل خِصَال البتكين وعاداته الحميدة فِي الْجُلُوس وَالْقِيَام والْحَدِيث وَالطَّعَام وَالشرَاب والمجلس وَالصَّيْد والرماية واللعب بالطبطابة ومداراة النَّاس ومراعاتهم والعيش مَعَ الْجند عَيْش الْإِخْوَة حَتَّى أَنه لَو حصل على تفاحة لَا يأكلها إِلَّا مَعَ عشرَة اخرين لقد أحبه النَّاس قاطبة لطيبته وأخلاقه الْحَسَنَة وَسيرَته الحميدة

[لياقة سبكتكين وجدارته]

وَحدث أَن اخْتَار البتكين يَوْمًا مِائَتي غُلَام وأنفذهم إِلَى خلج والتركمان لتَحْصِيل الْأَمْوَال الْمُسْتَحقَّة عَلَيْهِم وَكَانَ سبكتكين فِي جُمْلَتهمْ فَلَمَّا وصلوا إِلَى هُنَاكَ امْتنعت الطائفتان عَن دفع الْأَمْوَال كَامِلَة فَغَضب الغلمان وشهروا أسلحتهم لحربهم وانتزاع المَال مِنْهُم عنْوَة فَقَالَ سبكتكين لَا أُحَارب مَعكُمْ بل أنفصل عَنْكُم فِي هَذَا

<<  <   >  >>