للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْفَصْل الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ

فِي عدم إِسْنَاد عملين لشخص وَاحِد وَفِي تشغيل العاطلين وَعدم حرمانهم وَإسْنَاد المناصب والأعمال إِلَى المتدينين الحفيفيين والأصلاء وحرمان ذَوي الْمذَاهب السَّيئَة والمعتقدات الخبيثة وإبعادهم

لم يسند أحد من الْمُلُوك الأيقاظ والوزراء الاذكياء فِي أَي عصر من العصور عملين إِلَى شخص وَاحِد أَو عملا وَاحِدًا إِلَى شَخْصَيْنِ قطّ فَكَانَت شؤونهم لهَذَا منظمة ذَات بهاء ورونق لِأَنَّهُ إِذا مَا أنيط عملان بشخص وَاحِد فَلَا مناص من أَن يتسرب الْخلَل إِلَى أَحدهمَا أَو يتوانى فِيهِ على حِسَاب الاخر إِذْ أَن المتصدي إِذا أَرَادَ الْقيام بواجبه نَحْو أَحدهمَا خير قيام وتعهده والاهتمام بِهِ بجد فَلَا مندوحة من تسرب الاختلال وَالتَّقْصِير إِلَى الاخر وَبِالْعَكْسِ وَإِذا أنعمنا النّظر جيدا نلاحظ أَن ثمَّة خللا وتقصيرا فِي عَمَلي متصدي العملين كليهمَا وَأَن الشَّخْص نَفسه منَاط تَقْصِير وملامة دَائِما وان موليه إيَّاهُمَا فِي تشك وتذمر دائمين أما إِذا ولي شخصان عملا وَاحِدًا فَإِن هَذَا الْعَمَل يظل دون إنجاز لتواكل أَحدهمَا على الاخر قيل فِي الْأَمْثَال إِن وجود سيدتين فِي الْمنزل مدعاة لقذارته وَوُجُود مشرفين عَلَيْهِ مدعاة لدماره لِأَن كلا من الشخصين لَا بُد أَن يَقُول فِي نَفسه دَائِما بانه إِذا مَا أرهقت نَفسِي فِي الْقيام بواجبي فِي هَذَا الْعَمَل وحافظت عَلَيْهِ وَلَا أدع الْخلَل يَأْخُذ إِلَيْهِ طَرِيقه فَإِن رئيسنا سيظن أَن هَذَا لَيْسَ إِلَّا من كِفَايَة رفيقي ومهارته لَا نتيجة اهتمامي وجدي وتفاني وجلدي وَهَكَذَا الْأَمر بِالنِّسْبَةِ للاخر أَيْضا لكنه إِذا دققنا النّظر نجد أَن ذَلِك الْعَمَل فِي اختلال دَائِم حَتَّى إِذا مَا سَالَ رئيسهما لماذا لم ينجز هَذَا الْعَمَل بل قصر فِيهِ يَقُول أَحدهمَا انه تَقْصِير رفيقي ويحمله مغبة ذَلِك وَيَقُول الاخر ان رفيقي سَبَب التَّقْصِير كُله ويلقي التبعة والجرم كُله عَلَيْهِ لَكِن إِذا مَا عدنا إِلَى الْأُصُول وَالْعقل يتَبَيَّن لنا أَن لَيْسَ الجرم جرم هَذَا وَلَا ذَاك بل الجرم كُله على من ولاهما عملا وَاحِدًا فَمن دَلَائِل غَفلَة الْملك وَعجز وزيره تَوْلِيَة أحد عُمَّال الدِّيوَان عملين أَو ثَلَاثَة أَو خَمْسَة أَو سَبْعَة

<<  <   >  >>