للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مآرب أُخْرَى من وَرَاء إيفاد الرُّسُل

وَمِمَّا تجب مَعْرفَته أَيْضا أَن بغية الْمُلُوك من إيفاد رسلهم إِلَى بَعضهم لَا تَنْحَصِر فِي إِيصَال رسائلهم وأخبارهم وإظهارها على الْمَلأ حسب إِنَّمَا تمتد ماربهم وأهدافهم السّريَّة إِلَى أَكثر من هَذَا انهم يرْمونَ إِلَى استطلاع وضع الطّرق والشعاب ومياه الْأَنْهَار أيستطيع الْجَيْش أَن يتخطاها أم لَا ثمَّ إِلَى تبين المواطن الَّتِي يتوافر فِيهَا الْعلف وينعدم وَإِلَى معرفَة الْعمَّال وأولي الْأَمر فِي كل نَاحيَة وَصوب وَمن ماربهم أَيْضا معرفَة عدد جَيش ذَلِك الْملك وَمَا يملك من الات وَعدد واستطلاع خوانه ومجلسه وترتيب قصره وبلاطه وَكَيْفِيَّة مُجَالَسَته ومعاشرته ومنادمته وصيده ولعبه بالطباطبة وخلقه وَسيرَته وهباته وَكَرمه وسعيه وجده ومظهره وأعماله أظالم أم عَادل أعجوز أم شَاب أعامرة ولَايَته أم خربة أراض جَيْشه أم متظلم أغنية رَعيته أم فقيرة أشحيح أم بخيل أعاقل فِي تصريف الْأُمُور أم غافل عَنْهَا أَو وزيره أهل ومتدين وَحسن السِّيرَة أم لَا أقادة جَيْشه متمرسون وذوو بَاعَ فِي أُمُور الْحَرْب أم لَا أندماؤه ظرفاء لائقون أم لَا مَا يحب وَمَا يكره أهوَ منبسط الطَّبْع حسنه فِي الشَّرَاب أم لَا أمتين فِي أُمُور الدّين وَرَحِيم أم ضَعِيف وجاهل أيميل إِلَى الْهزْل أَكثر أم إِلَى الْجد أيرغب فِي الغلمان أَكثر أم فِي النِّسَاء كل هَذَا ليكونوا على بَيِّنَة من أمره إِذا مَا رَغِبُوا فِي محالفته أَو مُخَالفَته وتصيد عيوبه وليأخذوا لِلْأَمْرِ أهبته إِن خيرا فَخير وَإِن شرا فشر ثمَّ يتخذوا مَا يرونه مناسبا مِثْلَمَا حدث لي فِي عهد السُّلْطَان الشَّهِيد ألب أرسلان أنار الله برهانه

الشَّافِعِيَّة وَالْحَنَفِيَّة

لَيْسَ فِي الْعَالم كُله أفضل وأقوم من مذهبي أبي حنييفة وَالشَّافِعِيّ رَحْمَة الله عَلَيْهِمَا أما الْمذَاهب الْأُخْرَى فبدع وَأَهْوَاء وشبهات مَا كَانَ أَصْلَب السُّلْطَان الشَّهِيد رَحمَه الله وأقومه فِي مذْهبه فقد جَاءَ على لِسَانه مَرَّات وَا أسفاه لَيْت وزيري لم يكن شافعيا وَقد كَانَ سياسيا محنكا ومهيبا جدا وَلَقَد كنت أخشاه وأهابه وأحسب لَهُ حسابا دَائِما لاعْتِقَاده الشَّديد بمذهبه وجديته فِيهِ وانتقاصه مَذْهَب الشَّافِعِي

الخواجة نظام الْملك وَرَسُول شمس الْملك

لما عقد السُّلْطَان الشَّهِيد الْعَزْم على التَّوَجُّه إِلَى مَا وَرَاء النَّهر وسمرقند لشق

<<  <   >  >>