للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للنعمان بن المنذر، فلَا بُدَّ لكي يفهم شعره من معرفة تاريخ الغساسنة والمناذرة حينئذ؛ ولذلك كان الطبري -أو ما يماثله من كتب التاريخ- يدخل في مراجع دراسته، وكذلك الكتب الكثيرة التي تتصل بدراسة الشعر الجاهلي، أو بدراسة حياة القبائل في الجاهلية، أو بمعرفة الشئون الدينية وحياة الناس في المجتمع الجاهلي، وثقافتهم، وعاداتهم، فكل ذلك يمكن أن يعد مراجع لدراسته"١.

كما لا يمانع البعض بإطلاق كلمة "مصدر" على كلا النوعين، وعدم الميل إلى تلك التفرقة.

والمهم أن البحث الأصيل هو الذي يعتمد على تلك النوعية من المصادر، فالكتب الحديثة حول الموضوعات والدراسات العريقة لا يمكن عدها مصادر؛ وإنما يمكن الرجوع إليها استئناسًا بمناهجها، وتتبعًا لتطور الموضوع وتوجيهه لدى المؤلفين المحدثين، وليس من الصحيح أن يبني طلاب الدراسات العليا دراساتهم وبحوثهم عليها؛ إلا أن تكون مناقشة لفكرة معروضة، أو نقدًا، أو استحسانًا لها.

"إن استشهادًا بالمصدر الأساسي ليختلف في قيمته اختلافًا تامًّا عن الاستشهاد بالمصدر الثانوي، وليس هذا تقليلًا من أهمية المصادر الثانوية، فمعرفتها ضرورية للباحث؛ ذلك لأن الإحاطة بها تمنعه من أن يقدم لقرائه -أسلوب المكتشف- حقيقة من الحقائق التي عرفت من قبل، أو ينبري مدافعًا عن قضية ثبت بطلانها ... وليست المصادر الثانوية شبيهة بالمصادر الأساسية من حيث قيمتها ووظيفتها، فإذا كان لا يمكن للمصادر الثانوية أن تصبح لبنات في بناء البحث؛ فإنها لا تصلح -من باب أَوْلَى- لأن تستخدم أحجارًا


١ شوقي ضيف ص٢٣٧.

<<  <   >  >>