للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيمَا أَثْبَتَّهُ، إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا.

فَإِنْ قَالَ: أَنَا لَا أُثْبِتُ شَيْئًا مِنَ الصِّفَاتِ! قِيلَ لَهُ: فَأَنْتَ تُثْبِتُ لَهُ الْأَسْمَاءَ الْحُسْنَى، مِثْلَ: حَيٍّ، عَلِيمٍ، قَدِيرٍ. وَالْعَبْدُ يُسَمَّى بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ، وَلَيْسَ مَا يَثْبُتُ لِلرَّبِّ مِنْ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ مُمَاثِلًا لِمَا يَثْبُتُ لِلْعَبْدِ، فَقُلْ فِي صِفَاتِهِ نَظِيرَ قَوْلِكَ فِي مُسَمَّى أَسْمَائِهِ.

فَإِنْ قَالَ: وَأَنَا لَا أُثْبِتُ لَهُ الْأَسْمَاءَ الْحُسْنَى، بَلْ أَقُولُ: هِيَ مَجَازٌ، وَهِيَ أَسْمَاءٌ لِبَعْضِ مُبْتَدَعَاتِهِ، كَقَوْلِ غُلَاةِ الْبَاطِنِيَّةِ وَالْمُتَفَلْسِفَةِ! قِيلَ لَهُ: فَلَا بُدَّ أَنْ تَعْتَقِدَ أَنَّهُ مَوْجُودٌ وَحَقٌّ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ، وَالْجِسْمُ مَوْجُودٌ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ، وَلَيْسَ هُوَ مُمَاثِلًا لَهُ.

فَإِنْ قَالَ: أَنَا لَا أُثْبِتُ شَيْئًا، بَلْ أُنْكِرُ وُجُودَ الْوَاجِبِ.

قِيلَ لَهُ: مَعْلُومٌ بِصَرِيحِ الْعَقْلِ أَنَّ الْمَوْجُودَ إِمَّا وَاجِبٌ بِنَفْسِهِ، وَإِمَّا غَيْرُ وَاجِبٍ بِنَفْسِهِ، وَإِمَّا قَدِيمٌ أَزَلِيٌّ، وَإِمَّا حَادِثٌ كَائِنٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، وَإِمَّا مَخْلُوقٌ مُفْتَقِرٌ إِلَى خَالِقٍ، وَإِمَّا غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَلَا مُفْتَقِرٌ إِلَى خَالِقٍ، وَإِمَّا فَقِيرٌ إِلَى مَا سِوَاهُ، وَإِمَّا غَنِيٌّ عَمَّا سِوَاهُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>