للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ تَوَاتَرَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثُبُوتِ عَذَابِ الْقَبْرِ وَنَعِيمِهِ لِمَنْ كَانَ لِذَلِكَ أَهْلًا، وَسُؤَالِ الْمَلَكَيْنِ، فَيَجِبُ اعْتِقَادُ ثُبُوتِ ذَلِكَ وَالْإِيمَانُ بِهِ، وَلَا نَتَكَلَّمُ فِي كَيْفِيَّتِهِ، إِذْ لَيْسَ لِلْعَقْلِ وُقُوفٌ عَلَى كَيْفِيَّتِهِ، لِكَوْنِهِ لَا عَهْدَ لَهُ بِهِ فِي هَذِهِ الدَّارِ، وَالشَّرْعُ لَا يَأْتِي بِمَا تُحِيلُهُ الْعُقُولُ، وَلَكِنَّهُ قَدْ يَأْتِي بِمَا تَحَارُ فِيهِ الْعُقُولُ. فَإِنَّ عَوْدَ الرُّوحِ إِلَى الْجَسَدِ لَيْسَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَعْهُودِ فِي الدُّنْيَا، بَلْ تُعَادُ الرُّوحُ إِلَيْهِ إِعَادَةً غَيْرَ الْإِعَادَةِ الْمَأْلُوفَةِ فِي الدُّنْيَا.

[تَعَلُّقَاتُ الرُّوحِ بِالْبَدَنِ]

فَالرُّوحُ لَهَا بِالْبَدَنِ خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ مِنَ التَّعَلُّقِ، مُتَغَايِرَةِ الْأَحْكَامِ: أَحَدُهَا: تَعَلُّقُهَا بِهِ فِي بَطْنِ الْأُمِّ جَنِينًا.

الثَّانِي: تَعَلُّقُهَا بِهِ بَعْدَ خُرُوجِهِ إِلَى وَجْهِ الْأَرْضِ.

الثَّالِثُ: تَعَلُّقُهَا بِهِ فِي حَالِ النَّوْمِ، فَلَهَا بِهِ تَعَلُّقٌ مِنْ وَجْهٍ، وَمُفَارَقَةٌ مِنْ وَجْهٍ.

الرَّابِعُ: تَعَلُّقُهَا بِهِ فِي الْبَرْزَخِ، فَإِنَّهَا وَإِنْ فَارَقَتْهُ وَتَجَرَّدَتْ عَنْهُ، فَإِنَّهَا لَمْ تُفَارِقْهُ فِرَاقًا كُلِّيًّا بِحَيْثُ لَا يَبْقَى لَهَا إِلَيْهِ الْتِفَاتٌ أَلْبَتَّةَ، فَإِنَّهُ وَرَدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>