للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ مِنَ الِاخْتِصَاءِ، فَنَزَلَتْ فِيهِمْ، فَبَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: إِنَّ لِأَنْفُسِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا، وَإِنَّ لِأَعْيُنِكُمْ حَقًّا، صُومُوا وَأَفْطِرُوا، وَصَلُّوا وَنَامُوا، فَلَيْسَ مِنَّا مَنْ تَرَكَ سُنَّتَنَا فَقَالُوا: اللَّهُمَّ سَلَّمْنَا وَاتَّبَعْنَا مَا أَنْزَلْتَ.

[وَهُوَ بَيْنَ التَّشْبِيهِ وَالتَّعْطِيلِ]

وَقَوْلُهُ: وَبَيْنَ التَّشْبِيهِ وَالتَّعْطِيلِ - تَقَدَّمَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُحِبُّ أَنْ يُوصَفَ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، وَبِمَا وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ، مِنْ غَيْرِ تَشْبِيهٍ، فَلَا يُقَالُ: سَمْعٌ كَسَمْعِنَا، وَلَا بَصَرٌ كَبَصَرِنَا، وَنَحْوُهُ، وَمِنْ غَيْرِ تَعْطِيلٍ، فَلَا يُنْفَى عَنْهُ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، أَوْ وَصَفَهُ بِهِ أَعْرَفُ النَّاسِ بِهِ: رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ ذَلِكَ تَعْطِيلٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي هَذَا الْمَعْنَى.

وَنَظِيرُ هَذَا الْقَوْلِ قَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ: وَمَنْ لَمْ يَتَوَقَّ النَّفْيَ وَالتَّشْبِيهَ، زَلَّ وَلَمْ يُصِبِ التَّنْزِيهَ. وَهَذَا الْمَعْنَى مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشُّورَى: ١١] . فَقَوْلُهُ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ١١]- رَدٌّ عَلَى الْمُشَبِّهَةِ، وَقَوْلُهُ: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١]- رَدٌّ عَلَى الْمُعَطِّلَةِ.

[وَهُوَ بَيْنَ الْجَبْرِ وَالْقَدَرِ]

وَقَوْلُهُ: وَبَيْنَ الْجَبْرِ وَالْقَدَرِ - تَقَدَّمَ الْكَلَامُ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، وَأَنَّ الْعَبْدَ غَيْرُ مَجْبُورٍ عَلَى أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ، وَأَنَّهَا [لَيْسَتْ] بِمَنْزِلَةِ حَرَكَاتِ الْمُرْتَعِشِ وَحَرَكَاتِ الْأَشْجَارِ بِالرِّيَاحِ وَغَيْرِهَا، وَلَيْسَتْ مَخْلُوقَةً لِلْعِبَادِ، بَلْ هِيَ فِعْلُ الْعَبْدِ وَكَسْبِهِ وَخَلْقُ اللَّهِ تَعَالَى.

[وَهُوَ بَيْنَ الْأَمْنِ وَالْيَأْسِ]

وَقَوْلُهُ: وَبَيْنَ الْأَمْنِ وَالْإِيَاسِ - تَقَدَّمَ الْكَلَامُ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْمَعْنَى،

<<  <  ج: ص:  >  >>