للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ " «مَا فِي الْقُلُوبِ قَلْبٌ إِلَّا وَلَهُ سَحَابَةٌ كَسَحَابَةِ الْقَمَرِ بَيْنَا الْقَمَرُ يُضِيءُ إِذْ تَجَلَّلَتْهُ سَحَابَةٌ فَنَسِيَ إِذَا انْجَلَتْ عَنْهُ فَيَذْكُرُ» ". قَالَ عُمَرُ: " اثْنَانِ ". قَالَ: وَالرَّجُلُ يَرَى الرُّؤْيَا فَمِنْهَا مَا يَصْدُقُ وَمِنْهَا مَا يَكْذِبُ؟ فَقَالَ: نَعَمْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " «مَا مِنْ عَبْدٍ يَنَامُ يَمْتَلِئُ نَوْمًا إِلَّا عُرِجَ بِرُوحِهِ إِلَى الْعَرْشِ فَالَّذِي لَا يَسْتَيْقِظُ دُونَ الْعَرْشِ فَتِلْكَ الرُّؤْيَا الَّتِي تَصْدُقُ، وَالَّذِي يَسْتَيْقِظُ دُونَ الْعَرْشِ فَهِيَ الَّتِي تَكْذِبُ» " فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ثَلَاثٌ كُنْتُ فِي طَلَبِهِنَّ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَصَبْتُهُنَّ قَبْلَ الْمَوْتِ.

وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: عَجِبْتُ لِرُؤْيَا الرَّجُلِ يَرَى الشَّيْءَ لَمْ يَكُنْ يَخْطُرُ لَهُ عَلَى بَالٍ فَيَكُونُ كَأَخْذٍ بِيَدٍ، وَيَرَى الشَّيْءَ فَلَا يَكُونُ شَيْئًا. فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [الزمر: ٤٢] قَالَ وَالْأَرْوَاحُ يُعْرَجُ بِهَا فِي مَنَامِهَا فَمَا رَأَتْ وَهِيَ فِي السَّمَاءِ فَهُوَ الْحَقُّ فَإِذَا رُدَّتْ إِلَى أَجْسَادِهَا تَلَقَّتْهَا الشَّيَاطِينُ فِي الْهَوَاءِ فَكَذَّبَتْهَا فَمَا رَأَتْ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ الْبَاطِلُ. قَالَ فَجَعَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَتَعَجَّبُ مِنْ قَوْلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ مَنْدَهْ هَذَا خَبَرٌ مَشْهُورٌ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو وَغَيْرِهِ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ.

وَرَوَى ابْنُ مَنْدَهْ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: " «إِنَّ الْأَرْوَاحَ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ تَتَلَاقَى فَتُشَامُّ كَمَا تُشَامُّ الْخَيْلُ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ» ". قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ الْقَيِّمِ: وَلَمْ تَزَلِ النَّاسُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا تَعْرِفُ هَذَا وَتُشَاهِدُهُ. قَالَ جَمِيلُ بْنُ مَعْمَرٍ الْعُذْرِيُّ:

أَظَلُّ نَهَارِي مُسْتَهَامًا وَتَلْتَقِي ... مَعَ اللَّيْلِ رُوحِي فِي الْمَنَامِ وَرُوحُهَا

فَإِنْ قِيلَ فَالنَّائِمُ يَرَى غَيْرَهُ مِنَ الْأَحْيَاءِ يُحَدِّثُهُ وَيُخَاطِبُهُ وَرُبَّمَا كَانَ بَيْنَهُمَا مَسَافَةٌ بَعِيدَةٌ وَيَكُونُ الْمَرْءُ يَقْظَانُ رُوحُهُ لَمْ تُفَارِقْ جَسَدَهُ فَكَيْفَ الْتَقَتْ رُوحُهُمَا؟ فَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَثَلًا مَضْرُوبًا ضَرَبَهُ مَلَكُ الرُّؤْيَا لِلنَّائِمِ أَوْ يَكُونَ حَدِيثَ نَفْسٍ مِنَ الرَّائِي تَجَرَّدَ لَهُ فِي مَنَامِهِ قَالَ حَبِيبُ بْنُ أَوْسٍ:

سُقْيًا لِطَيْفِكَ مِنْ زُورٍ أَتَاكَ بِهِ ... حَدِيثُ نَفْسِكَ عَنْهُ وَهْوَ مَشْغُولُ

<<  <  ج: ص:  >  >>