للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الثاني

رأي المذهب الشافعي في

التعاقد (سلما) على أشياء تصنع

نظرا لأن عقد (الاستصناع) لا يجوز عند الشافعية، كما بينا آنفا، ونظرًا لأن بعض صور الاستصناع قد وردت عندهم في عقد السلم، مع الاختلاف بين العقدين في أحكامهما، فإنني أورد هذه الصور، وأبين حكمها عند الشافعية حتى تتضح رؤية المذهب في سد حاجات الناس فيما يرغبون التعاقد عليه من سلع يرغبون في صنعها لهم، مع النص مقدما على أنها تخضع لأحكام عقد السلم عندهم، صحة وفسادًا.

إذا تتبعنا ما ورد من الصور في المذهب الشافعي لبعض السلع التي يراد شراؤها إذا صنعت – عن طريق عقد السلم – نجد أنهم يفرقون في الحكم بين السلع التي تصنع من شيء واحد، وبين السلع التي تصنع من أكثر من شيء، وبين الأشياء المختلطة خلقة، وبين الأشياء المختلطة صنعة .... وأورد فيما يلي هذه الصورة وحكمها:

أولًا – الأشياء المصنعة من مادة واحدة.

في التعاقد سلما على شيء مصنع من مادة واحدة:

فرق المذهب في الحكم بين المصبوبة في قالب أو المضروبة، وبين المعمولة بآلة فأجاز السلم في الأولى دون الثانية: فقالوا: (لا يصح السَّلَم في مختلف أجزاؤه كبرمه من نحو حجر – معمولة – أي محفورة بالآلة، واحترز بها عما صب منها في قالب وهذا قيد أيضا فيما بعدها – من كوز، وطس (طشت) وأباريق، وحباب (الزير) ونشاب ونحوها لعدم انضباطها باختلاف أجزائها) .

(قال الأشموني) والمذهب جواز السلم في الأواني المتخذة من الفخار – ولعله محمول على غير ما مر أي من المعمولة.

(ويصحُّ السلم في الأشكال المربعة لعدم اختلافها، والمدورة كالمربعة، كما صرح به سليم في التقريب، وقال الأوزاعي أنه الصواب، واقتضاه كلام الشيخ أبي حامد، بل صحح في كل ما لا يختلف من ذلك، مضروبا أو مصبوبا – كما صرح به المارودي، ولو شرط كون السطل من نحاس ورصاص جميعا لم يصح – نص عليه في الأم، قال لأنهما لا يخلصان فيعرف قدر كل منهما.

* ويصح فيما صب من المذكورات – كما اقتضاه كلام الشرح والروضة – أي من أصلها المذاب في قالب – كالهاون – مربعا كان أم لا، لأن ذلك لا يختلف (١) .

* وكذلك نص المذهب على صحة السَّلَم في الأشياء المتخذة من شيء واحد كالخفاف والنعال المتخذة من شيء واحد، بشرط أن تكون جديدة واتخذت من غير جلد.


(١) ٢/١١٤ , ب

<<  <  ج: ص:  >  >>