للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد فطن لذلك الأستاذ الجليل مصطفى أحمد الزرقاء في كتابه المدخل، فقال ما نصه: ((متقفيًا أثر والده علامة الحنفية في عصره المرحوم الشيخ أحمد الزرقاء رحمه الله تعالى)) فقال حفظه الله:

(وهذا من جهل واضعي هذا القانون بمبنى الفرق بين الرهن وبيع الوفاء بحسب منشأ هذا العقد، فإن بيع الوفاء إنما استحدث إلى جانب الرهن على أساس أن يستحق المشتري في منافع المبيع بمقتضى العقد على خلاف حكم الرهن كما أوضحناه، ولعل خطأ واضعي هذا القانون من هذه الناحية ناشىء عما يوهمه ظاهر المادة ٣٩٨ من المجلة إذ تقول: إنه (إذا اشترط في بيع الوفاء أن يكون قدر من منافع المبيع للمشتري صح ذلك) فإن ظاهرها يوهم أن المشتري لا يستحق منافع المبيع وفاء إلا بالشرط.

لكنها يجب أن تفهم بأنه إذا اشترط للمشتري بالوفاء جزء فقط من منافع المبيع يخص حقه في المشروط، أما إذا لم يُشرط في العقد شيء فالمنافع كلها للمشتري بمقتضى العقد وذلك بدلالة المادة ١١٨ من المجلة نفسها، فقد صرحت هذه المادة أن بيع الوفاء إنما يشبه البيع الصحيح ويفترق عن الرهن من جهة أن المشتري وفاء يملك منافع المبيع، وهو الحكم الذي قرره الفقهاء في بيع الوفاء، وهذا ما حققه والدي الشيخ أحمد الزرقاء (١) رحمه الله تعالى في شرحه المخطوط على القواعد الكلية من المجلة) .

ثم يقول الأستاذ الزرقاء: (وأخيرًا جاء القانون المدني سنة ١٩٤٩م فمنع بيع الوفاء واعتبره باطلًا استغناء عنه بالرهن) (٢) .


(١) انظر كتابنا (ابن عابدين أثره في الفقه) : ج٣، (رسالة دكتوراة ٢) .
(٢) المدخل: ١/٥٥٥ وما بعدها، ف ٢٧٤ الحاشية.

<<  <  ج: ص:  >  >>