للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: إنما تداوى لغيره وليسن ذلك، قلنا: فلا نرغب عن سنته ولا نزهد في بغيته إذا كان فعل ذلك لنا لئلا يكون فعلًا لغوًا، وتكون الرغبة عن سنته إلى توهم حقيقة التوكل طعنًا في الشرع..

والمعنى الثاني الذي يفضل به المتداوي، أنه يحب سرعة البرء للطاعة، لأن العلل قاطعة عن التصرف في العمل ومشغلة للنفس، عن الشغل بالآخرة (١) .

وسأذكر عند الكلام على طرق العلاج المختلفة عشرات الأحاديث التي تحث على التداوي وتدلنا على طرق العلاج المختلفة التي اتبعها الرسول صلى الله عليه وسلم مع أصحابه ومن ذلك أنشئت المستشفيات في حواضر العالم الإسلامي وجعلوا فيها مئات الأطباء ووقفوا الأموال الكثيرة على الأبحاث الطبية.

وقال بعضهم: الطب علم نظري وعملي، أباحت الشريعة تعلمه لما فيه من حفظ الصحة ودفع العلل والأمراض عن هذه البنية الشريفة (٢) .

وكأني بابن تيمية يقف حكمًا بين أصحاب الأقوال المختلفة حين حقق القول من أن التداوي منه ما هو محرم، ومنه ما هو مكروه، ومنه ما هو مباح، ومنه ما هو مستحب، ومنه ما هو واجب، وهو ما يعلم أنه يحصل به بقاء النفس لا بغيره (٣) .

حكم الاختلاف في الجنس أو العقيدة بين المريض والطبيب:

والحديث عن هذا الموضوع يتناول:

أولًا: عن حكم تطبيب الرجل للمرأة والعكس.

ثانيًا: حكم تطبيب غير المسلم للمسلم والعكس وهذا ما أعني به الاختلاف في العقيدة، وسأبدأ حديثي بالكلام على النوع الأول وهو:

حكم تطبيب المرأة للرجل:

رغم أن الإسلام فتح المجال أمام المرأة للتعليم وسهل لها طرق الوصول إليه بدءًا من ارتياد المساجد للصلاة وسماع القرآن ومجالس العلم، ضمن الحدود الشرعية التي تشترط سلامة الوسيلة والغاية، إلا أن المتقنات لعلم الطب وأصوله كن قلة ولعل سبب ذلك يعود إلى اندراج مهنة الطب في فروض الكفاية لذا اكتفوا بذلك العدد القليل الذي قام بها من النساء كما أن لمكانة المرأة في الإسلام دورًا كبيرًا في انصرافها عن هذه المهنة. وذلك لشرف القرار في المنزل وعدم العمل ودلالة على دلال الزوج وإعزاز المزوج لها.


(١) قوت القلوب: ٢/٢١.
(٢) معالم القربة في أحكام الحسبة: ص٢٥٣.
(٣) فتاوى ابن تيمية: ٣٧/٤٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>