للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن هذه البداية التي نضع أيدينا عليها وما تبعها من صراعات، نستطيع أن نستخلص أهم العوامل المؤثرة على السلم في حياة الناس، والتي يهتم بها كثير من الباحثين، والتي تتصل بالعامل النفسي، والذي نبرز أوضح مظاهره فيما يأتي:

(أ) حب الاستعلاء في الأرض بالتسلط على الآخرين.

(ب) استغلال ثروات الآخرين.

(جـ) سرور النفس بالشبع مع وجود الجوع عند الآخرين.

(د) ترتيب الناس ورفع بعضهم على بعض باعتبارات لا صلة لهم فيها.

(هـ) استيفاء النفس لحظوظها ولو كان ذلك على حساب الآخرين.

(و) إهمال النفس الإنسانية في التهذيب الصحيح والتقويم المستمر.

هذه مجموعة العوامل النفسية وراء الصراعات الفردية التي بدأت بابني آدم، والصراعات الدولية التي تصحب بدم بشري دافق يصرخ في وجه الإنسانية يطلب الإيقاف ليسري في عروق بانية، وليؤدي وظيفته في بشرية سوية ترفرف عليها رايات الحب والسلام.

وأما الضمان الثاني: والذي يتمثل في معالجة الصراع إذا وقع بين البشر فإن الإسلام يعالج قضايا الصراع معالجة موضوعية متكاملة تأخذ بالمنهج المتكامل الذي يعالج المشكلة من جذورها فيبدأ بمعالجة الأهواء النفسية التي أشرنا إليها من قبل.

كما يعالج الأسس التي تقوم عليها العلاقات الإنسانية ويتمثل ذلك فيما يلي:

(أ) النظرة الصحيحة إلى الإنسان لاعتباره مخلوقًا لله سبحانه وقد كرمه الله وفضله على كثير ممن خلق وجعله مسؤولًا ومحاسبًا ومجزيًّا عن عمله، وأقام الإسلام كيان الإنسان على حسن الصلة بخالقه وواهب النعم له، وتنمية مكوناته الروحية والبدنية والعقلية، وصيانة نفسه ودينه وعقله وماله وعرضه.

(ب) النظرة الصحيحة إلى العلاقات الإنسانية وإقامتها على الأسس التالية:

١ ـ المساواة الإنسانية.

٢ ـ العدل.

٣ ـ التكافل الإنساني.

٤ ـ الأساس المتصف للتفاصيل بين الناس والذي يدفع بالإنسانية إلى الخير والتنافس في مجالاته.

٥ ـ السلم النفسي والسلم العالمي.

ومجموع هذه الضمانات تؤمن الفرد والجماعات وتحول بينهم وبين الصراعات الدموية، فإذا ما تغلبت نوازع السوء ودفع الصراع فإن المعالجة تأخذ بالمشكلة من جذورها فإن لم يستجيب الأفراد والجماعات لهذه الضمانات السابقة، فإن للإسلام نظرته في اتخاذ الجهاد سبيلًا لتحقيق هذا السلم الذي يعده أصلًا في حياة الناس، وهذا ما سنتناوله إن شاء الله في الفصل الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>