للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثًا ـ قولهم: إن القرآن ليس معجزًا أو أنه مجرد عمل إنساني نادر:

وهذا قول منكر وادعاء باطل لأسباب كثيرة منها:

١ ـ ما سبق أن أشرنا إليه في الفقرة الأولى من أدلة أثبتت أن القرآن الكريم وحي من عند الله تعالى ومن هذه الأدلة إعجازه المتواصل والمستمر بشكل فاق كل الحدود وتجاوز كل ما ذكره العلماء من أنواع الإعجاز وفنونه إلى حد لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى.

٢ ـ أن التحدي بالقرآن كان وما زال قائمًا ولم يستطع أحد إبان نزوله ولا بعد وفاة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وحتى الآن وإلى أن تقوم الساعة، لم يستطع ولن يستطيع أحد أن يأتي بمثله ولا بعشر سورة من مثله ولا بسورة واحدة من مثله، ومعنى ذلك العجز الكامل في الماضي والحاضر والمستقبل ليس للبشر وحدهم، ولكن للجن أيضا أنه معجز وأن إعجازه مستمر.

٣ ـ أن هذه المقولة ليست جديدة فقد قالها المشركون إبان نزول القرآن وادعوا أنهم يستطيعون الإتيان بمثله، ولكنهم عجزوا عن الوفاء بما قالوا فبقي كلامهم وكلام المعاصرين اليوم مجرد ادعاء لا قيمة له ولا دليل عليه، قال تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} (١) .

قال السيوطي: اخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير قال: ((قتل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوم بدر صبرًا عقبة بن أبي معيط وطعمة بن عدي والنضر بن الحارث , وكان المقداد أسر النضر فلما أمر بقتله , قال المقداد يا رسول الله: أسيري، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه كان يقول: في كتاب الله ما يقول، قال: وفيه أنزلت هذه الآية: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا} الآية)) (٢) .

وجاء المبشرون والمستشرقون اليوم يرددون نفس المقولة بادعائهم أن القرآن عمل إنساني نادر غير معجز، فهل استطاعوا أو استطاع أسلافهم المشركون أن يقولوا شيئًا مثله أم عجزوا كما عجزوا , فتبين بطلان مقولتهم وسخفها؟ قال تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ (٣٣) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ} (٣) .


(١) سورة الأنفال: الآية ٣١
(٢) لباب النقول في أسباب النزول بهامش المصحف الشريف
(٣) سورة الطور: الآيتان ٣٣ ـ ٣٤

<<  <  ج: ص:  >  >>