للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يخفي أن وقوع المجتمعات الإسلامية تحت سيطرة الاستعمار زاد من اتساع السوق الاستهلاكية لمنتجات الغرب الصناعية، وهذا أدى إلى تفوق الصناعة الغربية. وكلما قوي المجتمع الأوروبي وتفوق صناعيًّا، كلما زادت رقعة استعماره في قارة أفريقيا وقارة آسيا ...

وكلما زادت قبضة أوروبا على ما تم استعماره، وكلما اتسع نفوذها السياسي والاستغلالي، كما زاد ضعف المجتمع الإسلامي الذي وقع تحت سلطة الاستعمار، وزادت تبعيته وتقلبه لما يأتي من الغرب.

ويوم أن تحرك المجتمع الأوروبي لاستعمار المجتمعات الإسلامية، كان في قمة مجده، بما أنجره من الفصل بين الكنيسة والدولة، واستقلاله بالسلطة الزمنية، وبالحرية الفردية، في التفكير، والتوجيه، وبالحرية السياسية، كما كان في أشد الأوضاع حرصًا على اتجاه (العلمانية) كمثال للإنسانية..

استصحب الاستعمار معه هذا الاتجاه بما يستتبعه في الحكم والتوجيه والتشريع والاقتصاد في المجتمع الإسلامي الذي يتمكن منه.

وباستصحاب الاستعمار اتجاه العلمانية، ومحاولة تطبيق هذا الاتجاه، في المجتمع الإسلامي، وهو مجتمع يغاير في خصائصه، وتاريخه، وواقعه المجتمع الأوروبي، اضطر هذا الاستعمار إلى أن يسلك طريقا يمكنه من هذا التطبيق، وهو طريق عزل المجتمع الإسلامي كلية عن ماضيه، وعن تراثه العقلي، واالروحي، والتوجيهي، والسلوكي..

فإذا ما تم عزله أصبحت قيادته مسيرة وطيعة للمستعمر، وبالأخص للأجيال التي تنشأ في ظل هذه العزلة (١) .


(١) راجع المصدر السابق: ص ٥٤

<<  <  ج: ص:  >  >>