للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد كان الإسلام في الماضي جولة مع أهل الباطل والضلال وأصحاب الأهواء والمتجبرين في الأرض، ولقد حقق المسلمون انتصارات كبيرة على جميع أعدائهم، ومن ثم عادى الإسلام كل ضال وكل ذي هوى، ووقف في وجه هديه ومنهاجه كل طاغية وكل ظالم، وقامت المعارك ضارية متعددة على مر التاريخ بين الإسلام وهؤلاء الأعداء.

يخطئ من يظن أن الحرب بين الإسلام وأعدائه قد وضعت أوزارها , إنما الحق أن أعداء الإسلام يدبرون لحربه كل يوم وسيلة، ويحشدون للوقوف في وجهه كل يوم قوة، وليس خطر الكلمة والفكرة بأقل من خطر الجندي والسلاح في المعركة الضارية التي يشنها أعداء الإسلام عليه. شنوا حرب التشويه والتخريب للإسلام منهجه وتاريخه، ورجاله وتراثه ولغته وقرآنه، وتحالفوا وتآزروا وابتكروا حديث الوسائل وخبيث التيارات والأساليب، فغزوا المسلمين في قلوبهم وأفكارهم وأخلاقهم وأزيائهم وشنوا على العالم الإسلامي من الغارات مالا يخفي أمره على كل ذى بصيرة، وقفت الصهيونية والتبشير والاستعمار , والمبادئ والنظريات والفلسفات يشد بعضها أزر بعض في حرب الإسلام وأهله. ومن مجموع تلك الوسائل والأساليب كان الغزو الفكري للمسلمين. (١) .

إن الغزو الفكري هو أن تتبنى أمة من الأمم ـ وبخاصة الأمة الإسلامية معتقدات وأفكار الأمة الأخرى من الأمم الكبيرة وهي غير إسلامية دائمًا ـ دون نظر فاحص وتأمل دقيق لما يترتب على ذلك التبني من ضياع لحاضر الأمة الإسلامية ـ في أي قطر من أقطارها ـ وتبديد لمستقبلها، فضلًا عما فيه من صرفها عن منهجها وكتابها وسنة رسولها ـ وما يترتب على ذلك الصرف من ضياع أي ضياع، إذ لا يوجد مذهب سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي يغنى الأمة الإسلامية عن منهجها الإلهي، ونظامها الشامل المتكامل في كل زمان ومكان.

(٢)


(١) الغزو الفكري والتيارات المعادية للإسلام، نشر جامعة الإمام محمد بن سعود ١٤٠١ هـ ١٩٨١م: ص ٥ بتصرف، بحث أعده الدكتور / على عبد الحليم.
(٢) الغزو الفكري والتيارات المعادية للإسلام، نشر جامعة الإمام محمد بن سعود ١٤٠١ هـ ١٩٨١م ص٩

<<  <  ج: ص:  >  >>