للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يرد مفهوما العزيمة والرخصة في القرآن الكريم. أما السنة النبوية فمع ورودهما فيها في بعض الأحاديث إلا أننا لا نرى فيها توضيحًا لمضمون هذين المفهومين.

وبناء على ذلك لا نرى حاجة للخوض بالمناقشات التي دارت حول معنى العزيمة والرخصة الاصطلاحي ونكتفي ببيان ترجيحنا بأن الأحكام العامة المشروعة للأحوال العادية كلها من قبيل العزيمة وأنه لا حاجة إلى استعمال مصطلح العزيمة بالحالات التي لا توجد بمقابلها أحكام الرخصة – كما أكد ذلك كثير من الأصوليين – أخذًا في عين الاعتبار أن استعمال هذين المفهومين إنما هو نتاج الحاجة إلى تقويم التصرفات حسب الظروف المحيطة بالمكلف. فمن الطبيعي أن هذا يؤدي في نفس الوقت إلى قبول بقاء الحكم الأصلي المقابل للرخصة (العزيمة) في جميع الحالات التي يتحدث فيها عن الرخصة حيث لم يكن الحكم مؤقتًا ولم يوجد ظرف خاص يحيط بالمكلف.

من المسائل المتعلقة بمفهومي الرخصة والعزيمة هي مسألة كونهما صفات للفعل أم صفات للحكم، للأصوليين رأيان مختلفان في هذه القضية. فمن يرى أنهما من صفات الفعل. يعتبر قيام المسافر بصوم رمضان وعدم تأخير هذا الصوم (أي فعل الصوم) عزيمة بينما يعتبر تأخير الصوم (أي فعل التأخير) رخصة، أما من يرى أنهما من صفات الحكم، فيكون حكم عدم تأخير المسافر لصوم رمضان هو العزيمة وحكم تأخيره هو الرخصة (١) . ولا نرى حاجة للخوض في مناقشة هذه الآراء لكونها خلافات يغلب فيها الجانب النظري ولأنه ليس لها دور توجيهي في دراستنا هذه.

كما لا نرى حاجة في عرض الآراء المختلفة في مسألة كون العزيمة أو الرخصة من أقسام الحكم التكليفي أو الوضعي.


(١) أبو النور زهير، أصول الفقه، ١ / ٨٥. ٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>