للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم تكن الدية فيمن قبلنا وإنما كان فيهم القصاص فقط (١) .

ب- النوع الثاني هو ما شرع للأمة من المعاملات التي الأصل فيها المنع، كالسلم والقراض والمساقاة وبيع العرايا وهو ما تكلمنا عنه آنفًا تحت عنوان الرخص المباحة.

فكما أن هذا النوع قد أدرج تحت الرخص المباحة من أجل حاجيات المجتمعات إليها – فإنه أيضا أدرج في عداد الرخص المجازية، فسميت عند الشافعية بالرخص المباحة، كما أسلفنا، وسميت عند الحنفية بالرخص المجازية (٢) .

ثالثًا: ضوابط الأخذ بالرخصة:

الأخذ بالرخصة التي نص الشارع عليها – محبب كما تقدم في حديث: ((إن الله يحب أن تؤتى رخصة كما يحب أن تؤتى عزائمه)) (٣) وقد وردت به أحاديث متعددة، منها حديث: ((عليكم برخصة الله الذي رخص لكم)) أخرجه مسلم عن جابر مرفوعًا (٤) .

غير أن للأخذ بالرخصة ضوابط لابد من مراعاتها لكل من يريد الأخذ بها، ومن هذه الضوابط.

١ – وجود مشقة تؤدي إلى الانتقال من حكم العزيمة إلى الأخذ بالرخصة، وهذه المشقة تختلف من شخص إلى شخص، وقد ذكرنا سابقًا أن المشقة التي تستوجب الأخذ بالرخصة هي المشقة غير المعتادة.

أما المشقة المعتادة فإنها مقترنة مع التكاليف الشرعية لأن التكليف في حقيقته هو إلزام المكلف بما فيه كلفة ومشقة، قال في " مراقي السعود ":

وهو إلزام الذي يشق أو طلب فاه بكل خلق (٥)

وذلك لأن مراد الشارع إخراج المكلف عن دائرة هواه بالانقياد إلى أوامر مولاه، وقال في مرتقى الوصول:

القصد بالتكليف صرف الخلق عن داعيات النفس نحو الحق (٦)

لأن اتباع الهوى هو سبب الخسران والضلال، قال الله تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ} [القصص: ٥٠] .


(١) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ٧ / ٣٠٠.
(٢) كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام للبزدوي ٢ / ٣١٥ – ٣١٦.
(٣) تقدم تخريج هذا الحديث في الحاشية رقم (١) ص ٣٦٨.
(٤) صحيح مسلم ٢ / ٧٨٦.
(٥) نشر البنود على مراقي السعود ١ / ٢٥.
(٦) نيل السول على مرتقى الوصول ص ١١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>