للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما ما يتعلق بقضية التغريم المالي فلا شك أن الاتجاه الحديث هو الأخذ بهذا المبدأ، وقد وجدت رسائل دراسات عليا في هذا الموضوع، وإن كان الغالب عند جمهور الفقهاء في الماضي عدم القول بهذا المبدأ فقد أصبح الاتجاه الحديث مناصرا لهذا المبدأ وأن العدالة وأن الأيسر على الناس هو أن يدفع شيئا من ماله ولا يتحمل شيئا من العقوبات الجسدية أو التأديبية.

أما قضية تطرق البهائم إلى الشوارع؛ أيضا أؤيد الشيخ تقي العثماني في هذا الموضوع، وأعتبر أن قضية الحديث في ناقة البراء بن عازب تصلح أساسا لكثير من القضايا، بالإضافة إلى الحديث الآخر: ((العجماء جبار والمعدن جبار والبئر جبار)) ، هذه القضايا عن هدر، هذه في الواقع لم تكن في الحوادث بالكثرة التي تقع الآن، فلذلك حديث البراء يعد ألصق بالموضوع في تحديد المسؤولية عن حوادث البهائم في الوقت الحاضر.

أخيرًا ما يتعلق بالقتل الخطأ كأني وجدت اختراقا في هذا الموضوع لدى سماعي للحديث في هذه القضايا، النص القرآني واضح؛ لأن قضية القتل الخطأ وكل حوادث الخطأ إنما فيها الدية أو فيها الأرش المالي لأنه قد لا يكون هناك قتل وإنما فيها الأرش، والأرش إما مقدر أو غير مقدر، والحكومة العدل وهي ما يقرره الخبراء، يمكننا أن نجعل الآية أصلا في هذا الموضوع، في قضية الدية أو حوادث الأرش، وأما فيما يخص القتل بعينه فلا بد من إصلاح العلاقة بين الإنسان وربه، وذلك عن طريق الكفارة، والكفارة القرآن واضح فيها في أنها هي صيام شهرين متتابعين، وانفرد فقهاء الشافعية بأنه إذا عجز عن الصيام فيمكن أن يأخذ بمبدأ إطعام ستين مسكينا، وهذا لم يقل به غير فقهاء الشافعية.

فقضية ما ينقل عن المرحوم الشيخ عبد القادر عودة وغيره في هذا الموضوع لا أجد له تلامسا صحيحا مع الدقة الفقهية التي نحن بأشد الحاجة إليها.

هذا ما ارتأتيه، فنرجو الله تعالى أن يوفقنا لما فيه الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>