للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقول الثاني: يجوز ذلك، كما يجوز في غير دين السلم وفي المبيع من الأعيان وهو مذهب مالك، وقد نص على هذا في غير موضع، وجعل دين السلم كغيره من المبيعات، فإذا أخذ عوضًا غير مكيل، ولا موزون يقدر دين السلم حين الاعتياض لا بزيادة على ذلك، أو أخذ نوعه يقدره مثل أن يسلم في حنطة فيأخذ شعيرًا بقدر الحنطة، فإنه يجوز، وقد ذكر ذلك طائفة من الأصحاب، لكن في بعض الصور.. روايتان".

ثم قال: " وأما المطلعون على نصوص أحمد فذكروا ما هو أعم من ذلك وأنه يجوز الاعتياض عن دين السلم بغير المكيل والموزون مطلقًا.. وكذلك إن أخذ قيمته مما لا يكال، ولا يوزن كيف شاء..".

ثم ذكر أن بعض الروايات قيدت بأن لا يأخذ مكان المسلم فيه إلا بقيمته أو أنقص منه، وهذا هو قول ابن عباس (رضي الله عنهما) (١) . وجاء في المجموع أن السلم إذا فسخ لانقطاع المسلم فيه كان لصاحب رأس المال بيعه قبل استرداده (٢) .

وقد استدل المانعون بعدة أدلة أهمها ما يأتي:

١ـ ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من أسلف في شيء فلا يصرفه إلى غيره (٣)

٢ ـ أن هذا يدخل في بيع الشيء قبل قبضه، وهذا لا يجوز، لأنه يدخل ضمن النهي عن ربح ما لم يضمن.

يقول ابن تيمية: "فإن علته في منع بيع دين السلم كونه مبيعًا، فلا يباع قبل القبض" (٤) ثم بين بأن مبنى ذلك على ما رواه ابن عباس ((أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن يع الطعام قبل قبضه)) وقال: ((ولا أحسب كل شيء إلا بمنزلة الطعام)) (٥)


(١) مجموع الفتاوى: (١٩: ٥٠٣ـ٥١٨)
(٢) المجموع للنووي: (٩:٢٦٦)
(٣) الحديث رواه أبو داود: الحديث رقم (٣٤٥١) ، عون المعبود (٩ / ٣٥٣) ، وابن ماجه (٢: ٧٦٦) الحديث رقم (٢٢٨٣) ، والبيهقي (٦ / ٢٥) ، والدارقطني (٣٠٨)
(٤) مجموع الفتاوى (٢٩ / ٥٠٥) .
(٥) الحديث رواه البخاري في صحيحه ـ مع الفتح ـ كتاب البيوع، باب بيع الطعام قبل أن يقبض (٤ / ٣٤٩) ، ومسلم (٣ / ١١٥٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>