للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد رتب بعض الفقهاء على تضمن السلم غررا إذا عين المسلم فيه أيلولة العقد إلى السلف الذي يجر نفعا، فقال ابن رشد: (وإنما لم يجز السلم في الدور والأرضين. لأن السلم لا يجوز إلا بصفة، ولا بد في صفة الدور والأرضين من ذكر موضعها، وإذا ذكر موضعها تعينت فصار السلم فيها كمن ابتاع من رجل دار فلان على أن يتخلصها له منه، وذلك من الغرر الذي لا يحل ولا يجوز؛ لأنه لا يدرى بكم يتخلصها منه، وربما لم يقدر على أن يتخلصها منه، ومتى لم يقدر على أن يتخلصها منه رد إليه رأس ماله، فصار مرة بيعا ومرة سلفا وذلك سلف جر نفعا) (١)

كما بنى بعض الفقهاء منع كون المسلم فيه معينا على أساس أن السلم إنما جاز شرعا على خلاف القياس للحاجة إليه، فإذا عين المسلم فيه، فيمكن عندئذ بيعه في الحال، ولا يكون هناك ثمة حاجة إلى المسلم، فينسحب عليه الحكم الأصلي وهو عدم المشروعية. (٢)

٢٦- ولعل المستند النصي لوجوب كون المسلم فيه دينا موصوفا في الذمة، وعدم جواز السلم إذا تعين ما روى ابن ماجه عن عبد الله بن سلام، قال: جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: إن بني فلان أسلموا (لقوم من اليهود) وإنهم قد جاعوا، فأخاف أن يرتدوا. فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) : ((من عنده؟)) فقال رجل من اليهود: عندي كذا وكذا (لشيء قد سماه) أراه قال: ثلاثمائة دينار بسعر كذا وكذا من حائط بني فلان، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) : ((بسعر كذا وكذا، إلى أجل كذا وكذا، وليس من حائط بني فلان)) . (٣)

٢٧- وبناء على اشتراط كون المسلم فيه دينا في الذمة، ذكر جماهير الفقهاء أن ما يصح أن يكون مسلما فيه من الأموال: المثليات كالمكيلات والموزونات والمذروعات والعدديات المتقاربة، وكذا القيميات التي تقبل الانضباط بالوصف. (٤)


(١) ابن رشد، المقدمات الممهدات، مرجع سابق ص ٥١٦.
(٢) البهوتي، كشاف القناع، مرجع سابق ٣/٢٩٢؛ شرح منتهى الإرادات، مرجع سابق ٢/٢٢١.
(٣) ابن ماجه، السنن، ٢/٧٦٦ ط. عيسي البابي الحلبي بمصر سنة ١٣٧٣هـ.
(٤) ابن الهمام، الهداية، مرجع سابق ٦/٢٠٦؛ ابن نجيم، البحر الرائق، مرجع سابق ٦/١٩٦؛ البهوتي، شرح منتهى الإرادات، مرجع سابق ٢/٢١٤، ٢١٥؛ الأنصاري، أسنى المطالب، مرجع سابق ٢/١٢٨؛ الخرشي، شرح خليل، مرجع سابق ٥/٢١٢؛ ابن عابدين، رد المحتار، مرجع سابق ٤/٢٠٣؛ ابن قدامة، المغني، مرجع سابق ٤/٣١٨، ٣٢٠؛ الرافعي، فتح العزيز، مرجع سابق ٩/٢٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>