للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣-أنواع الوديعة الحسابية:

حصر القانونيون مفهوم الإذن بالاستعمال في الوديعة المصرفية بالقرض فقط وذلك بغرض تسهيل الاقتراض على البنوك. ولم يكن يهم هذه البنوك أن يكون الاقتراض عن طريق الإيداع بصورة مجانية أم بمقابل وذلك لأن دفع الفائدة المصرفية يعتبر أمرا قانونيا بالنسبة لمن لا يراعون موازين الشرع في المعاملات والأحكام.

لذلك كانت الوديعة المصرفية صالحة للقرض سواء كانت قرضا بلا فوائد أم كانت قرضا بفائدة.

أما مفهوم الإذن بالاستعمال في الفقه الإسلامي فهو أوسع شمولا لكل الحالات التي يتم فيها.

فإذا كان الإذن بالاستعمال لصالح الطرف المأذون له بذلك فإن ذلك الإذن يكون بمثابة العارية المضمونة، وبناء عليه فإن الوديعة الحسابية لدى المصرف الإسلامي في صورة الحساب الجاري تكون قرضا مضمونا على المصرف وكذلك الحال في كل النقود المودعة مع الإذن بالاستعمال لصالح من أودعت لديه.

أما إذا كان الإذن باستعمال الوديعة الحسابية يحمل نوعا من المصلحة للمودع فإن الحكم يختلف باختلاف الحال وذلك لدرجة أن صاحب كتاب بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ذهب إلى أنه لو دفع رجل مالا إلى آخر على أن نصفه وديعة في يد المضارب ونصفه مضاربة بأن ذلك جائز ويكون المال في يد المضارب على ما سميا. (١)

وهذا يعني أن النصف الأول هو وديعة مأذونة بالاستعمال فهي قرض مضمون والنصف الثاني هو رأس مال مضاربة فله حكم المضاربة من حيث كون الربح على الشرط بحصة شائعة معلومة وإن الخسارة على المال.

فالوديعة الحسابية يمكن أن تكون على عدة وجوه هي:

١- الوديعة الحسابية بالقرض: وذلك حين يكون الإذن الصادر باستعمال النقود على سبيل الإقراض.

٢- الوديعة الحسابية بالاستثمار: وذلك حين يكون الإذن الصادر باستعمال النقود في المضاربة والمشاركة وسائر وجوه الاستثمار الحلال.

٣-الوديعة الحسابية بالأمانة: وذلك حين لا يكون هناك إذن بالاستعمال قرضا أو استثمارا وإنما الإذن بالتصرف محصور بالحفظ ولكن ليس على أساس رد ذات النقود وإنما بدلها أو مثلها ومثال الحالة الأخيرة يكون ما لو تلقى مصرف وديعة باسم من لا يملك أهلية التصرف ولم يأذن وليه للمودع بالاستعمال قرضا ولا استثمارا فإنها تبقى بصورة حسابية على أساس الأمانة، فهي وديعة حسابية في الذمة ويرد مثلها عند الطلب.


(١) الكاساني، مرجع سابق، ٨/٣٥٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>